ومنهم من لم يُفصل بين أن تكون السماء مصحية أو مغيمة. قال: وفيه وجهان:
أحدهما: لا يجوز لهم الإفطار؛ لأن الفطر لا يثبت بقول الواحد.
والثاني: لهم أن يفطروا؛ لأن ثبوت الفطر في ضمن الصوم؛ كالنسب والميراث لا يثبت بشهادة النساء على الانفراد.
ولو شهدن على الولادة، يثبت في ضمنه النسب والميراث. ومن رأى هلال رمضان وحده، يجب عليه أن يصوم، وكذلك لو رأى هلال شوال وحده، يجب عليه أن يفطر؛ حيث لا يراه أحد؛ لأنه إذا ظهر الفطر عرض نفسه للتهمة، وعقوبة السلطان، وإذا صام برؤيته وحده، فأفطر بالجماع يجب عليه الكفارة.
وقال الحسن وعطاء: لا يصوم برؤيته وحده، ولا يفطر.
وقال أبو حنيفة: يصوم برؤيته وحده، ولا يفطر، وإذا صام برؤيته وحده، فإذا جامع قال: لا كفارة عليه؛ لأن فطر الناس شبهة في سقوط الكفارة عنه.
وكذلك قال: لو صام بنية من النهار؛ فجامع، لا كفارة عليه. فنقول: فطر لا يكون شبهة في حقه؛ من عرف طلوع الفجر، لزمته الكفارة، وإن لم يعرفه غيره؛ كما لو أفطر أهل قرية بعذر المرض، وهو صحيح صائم؛ فجامع -لزمته الكفارة، وإن لم يعافه غيره.
وإذا رُؤي رجل يطعم يوم الثلاثين من رمضان بلا عُذر - يعزر عليه، فلو شهد أنه رأى الهلال، لا يقبل؛ لأنه متهم في شهادته بإسقاط التعزير عن نفسه.
أما إذا شهد أولاً، فردت شهادته، ثم أكل، لا يعزر؛ ما لو توجه الحكم على رجل فروي فيه خبراً على وفق دعواه لا تقبل، وإن كان عدلاً، فإن أبا موسى استأذن على عمر ثلاثاً فلم يؤذن له، فانصرف فدعاه فسأله، فروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الاستئذان ثلاثاً" فلم يعتمده؛ حتى شهد عليه غيره.
ولا يجوز أن يصوم يوم الشك عن رمضان؛ وهو يوم الثلاثين من شعبان.
إذا وقع الشك في رؤية الهلال؛ بأن وقع في ألسن الناس أن الهلال قد رؤي، ولا