والمرأة الحامل، أو المرضعة إذا أجهدها الصوم، لها أن تفطر، ثم تقضي ولا فدية عليها؛ كالمريض. وإن كان خوفها على الولد من الصوم، فلها أن تفطر، ثم تقضي، وعليها الفدية لأنه فطر بسبب إحياء نفس عاجزة عن الصوم؛ كالشيخ الهِمُّ يفطر ويفدي.
والفدية: هي أن يطعم كل يوم مسكيناً مداً من الطعام من غالب قوت البلد، ولا تتعدد الفدية بتعدد الأولاد.
سُئل ابن عمر عن المرأة إذا خافت على ولدها؛ فقال: تفطروتطعم مكان كل يوم مسكيناً مداً من الحنطة؛ وهذا قول مال وسفيان وأحمد.
وفي الحامل قول آخر: أن لا فدية عليها؛ لأن ضرر الجنين متصل بها، بخلاف المرضعة؛ فكانت الحامل كالمريض.
وعند أبي حنيفة: لا فدية عليها؛ وهو اختيار المزني.
وإن كانت المرضعة مسافرة أو مريضة؛ فأفطرت إن نوت بالفطر الترخص بعذر السفر والمرض - فلا فدية عليها، وإلا فوجهان؛ كالمسافر يفطر بالجماع.
ولو أفطر لتخليص غريق، جاز، وعليه القضاء. وفي الفدية وجهان
أحدهما: يجب؛ كما تجب على المرضعة.
والثاني: لا تجب؛ لأن فطرة ليس لإحياء نفس عاجزة عن الصوم؛ فإن الغريق غير عاجز.
والشيخ الكبير الذي يُجهده الصوم، له أن يفطر؛ وهل يلزمه الفدية؟ فيه قولان.
وكذل المريض الذي لا يرجى زوال مرضه-قال في القديم - وبه قال مالك -: لا فدية عليه؛ كالمريض الذي مرضه مرجو الزوال.
وقال في الجديد - وهو المذهب -: يجب عليه الفدية؛ فيطعم عن كل يوم مسكيناً مُداً من الطعام؛ روي ذلك عن ابن عباس، وابن عمر، وأبي هريرة.
ولو خرج رمضان تسعاً وعشرين، لا يجب عليه إلا تسعة وعشرون مُداً. ولو فاته صوم في صبائه، ولم يقض؛ حتى كبر وعجز، تجب الفدية قولاً واحداً؛ وإن كان الشيخ الكبير معسراً، هل يلزمه الفدية إذا قدر؟ فيه قولان؛ كالمكفر إذا لم يقدر على شيء، ثم قدر- هل يلزمه الكفارة؟ فيه قولان.