قلنا: لأن وجوب القطع كان مستفادًا بالشرط، وإنما تعذر لبدو الصلاح، فصار الفسخ مستفادًا بالشرط، فاستند إلى حال العقد، فكأن العقد ارتفع من أصله لا من وقت الفسخ.
وإن اتفقا على تبقية الثمرة على النخل إلى وقت الجداد، فالمشهور من مذهب الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أن ذلك جائزٌ، ولا يفسخ البيع، وتجب الزكاة على المشتري؛ لأن الحق لهما، وقد رضيا.
قال الشيخ أبو حامدٍ: وحكى أبو إسحاق قولًا آخر: أن البيع ينفسخ؛ لأنهما لو اتفقا على التبقية حال العقد.. لبطل البيع، فكذلك إذا وجد هذا الشرط المبطل بعد ذلك، قال: وهذا غلطٌ؛ لأن الشرط المبطل إنما يؤثر إذا قارن العقد، ألا ترى أنه لو اشترى عينًا إلى أجل مجهول.. لم يصح، ولو اشتراها إلى أجل معلوم، ثم بعد لزوم البيع اتفقا على أجلٍ مجهولٍ.. لم يؤثر في العقد فكذلك هاهنا.
وإن طلب البائع قطع الثمرة لتخلية نخله، وطلب المشتري تبقيتها إلى الجداد.. فذكر الشيخ أبو حامد والبغداديون من أصحابنا: أن البيع ينفسخ، وترجع الثمرة إلى البائع، فتجب عليه الزكاة؛ لأنه لا يمكن إجبار البائع على هذه التبقية؛ لأن البيع وقع بهذا الشرط، ولا يمكن القطع؛ لأن في ذلك إضرارًا بالمساكين، فلم يبق إلا الفسخ.
وحكى في " الإبانة " ق\140 قولين:
أحدهما: ينفسخ البيع؛ لما ذكرناه.
والثاني: لا ينفسخ، ويجبر المشتري على القطع، ويؤخذ منه عشر ثمرته مقطوعًا. وهذا ليس بشيءٍ.
وإن رضي البائع بترك الثمرة إلى أوان الجداد، وطلب المشتري قطعها.. فحكى الشيخ أبو حامدٍ فيه قولين:
أحدهما: يجبر المشتري على التبقية، وهو الصحيح؛ لأن البائع زاده خيرًا، فهو كما لو أسلم إليه طعامًا على صفةٍ، فسلم إليه طعامًا أعلى منه صفةً.