فإذا جفت الثمرة.. أخذ الساعي حق المساكين بالغًا ما بلغ، وكان الباقي لرب المال، وإن تصرف رب المال هاهنا بشيء من الثمرة بأكلٍ أو بيعٍ.. لزمه زكاة ما أتلفه تمرًا بالخرص، فتكون فائدة الخرص في هذه الحالة لزوم الزكاة فيما يتلفه رب المال.
ولو لم تكن خرصت الثمرة، فأتلفها رب المال، أو بعضها.. لزمه زكاة ما أتلفه، وعزر إن كان عالمًا، وإن كان جاهلًا.. لم يعزر، والقول قوله في قدر ما أتلفه.
وما الذي يلزمه دفعه؟
قال الشافعي: (عليه عشرها رطبًا) . واختلف أصحابنا في ذلك:
فمنهم من قال: يلزمه قيمة عشرها رطبًا؛ لأن الرطب لا مثل له.
ومنهم من قال: يضمن عشرها رطبًا، كما لو كان له أربعون شاةً، فأتلفها بعد وجوب الزكاة.. لزمه شاةٌ.
وتأول كلام الشافعي: إذا أفرد نصيب المساكين، واستقر ملكهم عليه. هكذا ذكره ابن الصباغ. وقال الشيخ أبو حامد، والمحاملي في " المجموع ": يلزمه ـ في هذه المسألة ـ زكاة ما أتلفه تمرًا، هذا نقل البغداديين من أصحابنا.
وذكر صاحب " الإبانة " ق\140 : لو أتلف رب المال الثمرة بعد الخرص.. فماذا يجب عليه؟ فيه قولان، بناءً على أن الخرص: عبرةٌ، أو تضمينٌ:
فإن قلنا: إنه تضمينٌ.. وجب عليه عشر ما خرص تمرًا؛ لأن الزكاة قد لزمت في ذمته.
وإن قلنا.. عبرةٌ.. فعليه قيمة عشر الثمرة يوم أتلفها.
فإذا كانت الثمرة رطبًا لا يجيء منه تمرٌ، فأتلفها بعد الخرص.. وجب عليه قيمة عشره رطبًا، على القولين؛ لأنه ليس لهذه الثمرة حالة جفافٍ.