فعلى هذا: يجوز بيعها، وإنما جاز إلى أجلٍ مجهولٍ؛ لأنها معاملة مع الكفار، ألا ترى أن رجلًا لو أبق له عبدٌ، فأراد الجعالة لمن يرده.. فإنه لا بد أن يكون الجعل معلومًا؛ لأنها معاملة بين المسلمين، ولو أن الإمام غزا بلدًا من الكفار، وأراد الجعالة لمن يدله.. لجاز أن يقول: من دلني على القلعة الفلانية.. فله منها جارية، وإن كانت مجهولة؛ لأنها عقدٌ في ملك الكفار.
إذا ثبت هذا: فإن هذه الأرض التي فتحها عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، يجب فيها الخراج لوقته، والعشر لوقته.
وقال أبو حنيفة: (لا يجتمعان، بل يجب الخراج لا غير) .
دليلنا: قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ما سقته السماء.. ففيه العشر» .. ولم يفرق.
ولأنه حقٌ يتعلق بالمستفاد من غير أرض الخراج.. فوجب أن يتعلق بالمستفاد من أرض الخراج، كالمعدن.
إذا ثبت هذا: فإن اشترى الذمي أرضًا خراجية، وقلنا: يصح.. فإنه يؤخذ منه الخراج؛ لأنه إما أجرة أو ثمنٌ، ولا يؤخذ منه العشر، وإن اشترى أرضًا عشرية.. فإنه يصح الشراء، ولا يجب عليه خراجٌ ولا عشرٌ.
وقال مالكٌ: (لا يصح شراؤه) .
وقال أبو حنيفة: (يصح شراؤه، ويجب عليه الخراج) .
وقال أبو يوسف: يجب عليه عشران.
دليلنا على مالكٍ: أنها أرضٌ يملكها المسلم بالشراء، فملكها الذمي به، كالخراجية.
وعلى أبي حنيفة: أنه مالٌ يتعلق به حق الله تعالى، فإذا ملكه الذمي.. لم يجب عليه شيءٌ، كالماشية.
وبالله التوفيق.