و الثاني : قال أبو علي بن أبي هريرة: له أن يمسح مسح مسافر. وهو الصحيح؛ لأنه سافر قبل التلبس بالمسح، فكان له أن يمسح مسح مسافر، كما لو سافر قبل خروج وقت الصلاة. ويخالف الصلاة، فإنه يأتي بها بعد الوقت قضاء، والمسح يأتي به أداء في وقته.
وإن أحدث في الحضر ومسح، ثم سافر، أتم مسح مقيم لا غير، وبه قال أحمد، وإسحاق.
وقال أبو حنيفة، والثوري: (له أن يمسح مسح مسافر) .
دليلنا: أنها عبادة تتغير بالحضر والسفر، فإذا تلبس بها في الحضر، ثم سافر كان الاعتبار بحكم الحضر، كما لو أحرم بالصلاة في الحضر، ثم سافر.
وإن أحدث في السفر ومسح، ثم أقام، أتم مسح مقيم لا غير، فإن أقام بعد استكمال مدة مسح المقيم، نزع الخفين. وإن أقام قبل استكماله، كان له أن يتم مسح مقيم لا غير.
وقال المزني: يمسح ثلث ما بقي له من المدة من حين الإقامة.
دليلنا: أنها عبادة تتغير بالحضر والسفر، فإذا اجتمعا فيها غلب حكم الحضر، كالصلاة.
فرع: نية الإقامة في الصلاة : قال في " الأم " 1/30 : (ولو مسح المسافر يوما وليلة، ثم دخل في الصلاة فنوى الإقامة في الصلاة، بطلت صلاته) ؛ لأنه قد استكمل مسح المقيم، فإذا نوى الإقامة بطل مسحه، فبطلت صلاته.
فرع: الشك في ابتداء المسح : وإذا سافر، ثم شك: هل ابتدأ المسح في السفر، أو في الحضر؟
بنى الأمر على أنه بدأ في الحضر؛ لتكون طهارته صحيحة بيقين، ولا يجوز له