إليه زكاته بعينها.. أجزأه؛ لأن ذمته قد برئت بتسليمها إلى الإمام، وإنما رجعت إليه بسبب آخر.
فإن دفع رب المال زكاته إلى الساعي.. عزل الساعي ما يستحقه من الزكاة، ويفرق الباقي على باقي الأصناف إن كان الإمام قد أذن له في ذلك، وإن لم يأذن له الإمام في تفرقتها.. حملها إلى الإمام، فيقسمها على ثمانية أسهم: سهم للعامل، وهو أول ما يبدأ به؛ لأنه يأخذه عوض عمله، وغيره يأخذه مواساة. فإن كان ذلك وفق أجرته.. دفعه إليه، وإن كان أكثر من أجرته.. رد الفضل على باقي الأصناف، وقسمه بينهم. وإن كان أقل من قدر أجرته.. قال الشافعي: (يتمم له من سهم المصالح) .
قال: (ولو تمم له من حق سائر الأصناف.. لم يكن به بأس) .
واختلف أصحابنا في ذلك:
فذهب المزني وغيره من أصحابنا: إلى أنها على قولين:
أحدهما: يتمم من حقوق سائر الأصناف؛ لأنه يعمل لهم كالأجير الذي ينقل المال.
والثاني: يتمم من سهم المصالح؛ لئلا ينقص كل صنف مما قسم الله له.
ومن أصحابنا من قال: ليست على قولين، وإنما الإمام بالخيار: بين أن يتممه من سهم المصالح؛ لأن العامل يشبه الحاكم، وبين أن يتممه من حق سائر الأصناف؛ لأنه يشبه الأجير لهم.
ومنهم من قال: هي على اختلاف حالين:
فحيث قال: (يتمم من سهم المصالح) أراد: إذا كان قد فرق على سائر الأصناف، ثم وجد سهم العامل ينقص عن أجرته؛ لأنه يشق استرجاع ذلك منهم.
وحيث قال: (يتمم من حق سائر الأصناف) إذا بدأ بدفع سهم العامل قبل الأصناف.
ومنهم من قال: بل هي على حالين آخرين: