وأما الشيخ أبو حامد: فحكى في رمل الحامل قولين:
الأول : قال في الجديد: (يرمل) .
و الثاني : قال في القديم: (لا يرمل) .
فإن أمكن الطائف الدنو من البيت والرمل.. فعل ذلك. وإن لم يمكنه أن يرمل في طوافه بقرب البيت من زحمة الناس
... نظرت: فإن كان إذا وقف ساعة وجد فرجة يرمل بقرب البيت.. وقف ساعة ليقرب من البيت ويرمل، وإن لم يرج بوقوفه إدراك فرجة أو خفة الزحمة.. لم يقف، بل يخرج إلى حاشية الطواف، فيرمل؛ لأن الرمل هيئة في الطواف، والدنو من البيت فضيلة في الطواف، فكان مراعاة الهيئة أولى من مراعاة الفضيلة.
فإن كان بحاشية الطواف نساء إذا خرج اختلط بهن.. لم يخرج لئلا يختلط بالنساء؛ لأنه يخاف عليه الافتتان بهن، ولكنه يطوف ويقرب من البيت، ويحرك نفسه أكثر ما يقدر عليه.
وإن ترك الرمل في الثلاثة الأولى.. لم يقضه في الأربعة؛ لأنه هيئة، فإذا فات محله.. لم يقض، كالجهر في الركعتين الأولتين، ولأن السنة أن يمشي في الأربعة، فإذا رمل فيها.. خالف السنة من وجهين:
ويستحب أن يقول في رمله: اللهم اجعله حجا مبرورا، وذنبا مغفورا، وسعيا مشكورا. ويقول في مشيه: اللهم اغفر وارحم، وتجاوز عما تعلم؛ إنك أنت الأعز الأكرم، اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار؛ لما روى السائب بن يزيد: أن النبي ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ قال ذلك في طوافه. ويدعو بما أحب من أمر الدين والدنيا.