مسألة الإحصار بعد الوقوف وصد أهل مكة عن الوقوف : وإن وقف بعرفة، ثم أحصر عن المزدلفة ومنى وعن الطواف بمكة جاز له أن يتحلل، كما يجوز التحلل قبل الوقوف، فإن تحلل من إحرامه لم يجزه ما قد أتى به عن حجة الإسلام.
وحكى ابن الصباغ: أن الشيخ أبا حامد قال في " التعليق ": إذا قلنا: إن الأجير إذا مات بعد الإحرام يجوز البناء على فعله، على القول القديم جاز لغيره أن يبني على عمله هاهنا. فإن أمكنه أن يستأجر من يكمل ما بقي عليه من حجه أجزأه.
قال المسعودي في " الإبانة " ق \ 211 : فإن تحلل، ثم انكشف العدو فهل له البناء على باقي حجه بعد تحلله؟ فيه قولان، بناء على القولين في جواز البناء على حج الأجير.
وإن بقي على إحرامه ولم يتحلل فإن الطواف والسعي لا يفوتان؛ لأنه ليس لهما وقت مقدر يفوتان بفواته، ولكن المبيت بالمزدلفة والرمي يفوتان. فإن فاتا قبل تحلله فهل يجب عليه الدم لترك المبيت بالمزدلفة ومنى؟ على قولين، قد مضى ذكرهما. فإن قلنا: يجب وجب عليه دم للمبيت بالمزدلفة، ودم للمبيت بمنى ليالي الرمي. وهل يجب عليه دم لأجل الرمي أو دمان؟ على الكلام الذي مضى فيه إذا تركه عامدا. وأما حصول التحلل الأول: قال الشيخ أبو حامد: فإن أصحابنا قالوا: فوات وقت الرمي يجري مجرى فعل الرمي في حصول التحلل به.
فإن قلنا: إن الحلاق نسك حلق وتحلل به، وبفوات وقت الرمي.
وإن قلنا: إن الحلاق ليس بنسك فقد حصل له التحلل بفوات وقت الرمي، ومتى أمكنه الطواف والسعي أتى بهما.
فأما إذا أحرم أهل مكة أو المقيمون بها بالحج وصدوا عن عرفة جاز لهم التحلل عندنا.
وقال مالك: (لا يجوز لهم التحلل) .