إذا ثبت هذا: فإنه ينحر الهدي، ثم يحلق: لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} البقرة: 196 البقرة: 196 .
فأراد بـ: (المحل) : نحر الهدي. ولأن هدي المحصر قد أقيم مقام إكمال الأفعال لغير المحصر، ثم ثبت أن غير المحصر لا يتحلل قبل إكمال الأفعال، فكذلك المحصر لا يتحلل قبل نحر الهدي.
ولا بد من نية الخروج من الإحرام أو التحلل منه؛ لأنه يخرج من العبادة قبل إكمالها بعذر، فاحتاج إلى نية الخروج، كالصائم إذا مرض واحتاج إلى الإفطار في أثناء النهار فإنه ينوي الخروج من الصوم ويفطر، كذلك هاهنا.
فإن قيل: هدي المحصر عندكم يقوم مقام إكمال الأفعال لغير المحصر، وقد ثبت أن غير المحصر إذا أكمل أفعال النسك تحلل منها بغير نية، فهلا قلتم: لا يحتاج هاهنا إلى نية؟
قلنا: نحن وإن قلنا: إن الهدي يقوم مقام إكمال الأفعال فليس بإكمال؛ لأن من أكمل أفعال النسك فقد أتى بالنسك وسقط به الفرض، فلم يحتج إلى نية الخروج، كالصائم إذا أكمل الصوم إلى الليل فإنه يخرج منه بغير نية، وهاهنا خروج من العبادة قبل إكمالها بعذر، فافتقر إلى النية، كالصائم إذا مرض واحتاج إلى الإفطار بالنهار.
ثم يحلق رأسه؛ لـ: (أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حلق رأسه بالحديبية) .
فإن قلنا: إن الحلق نسك حصل له التحلل بالهدي والنية والحلق.
وإن قلنا: ليس بنسك حصل له التحلل بالهدي والنية لا غير.
وإن كان عادما للهدي، بأن لم يكن معه هدي ولا ما يشتري به الهدي، أو كان معه الثمن ولم يجد هديا يشتريه فهل له بدل؟ فيه قولان: