يحرم، كما لو أرسل جارحة على صيد فقتله، ثم استرسل بنفسه على صيد فقتله.. فإن الأول لا يحرم.
وإن كانت الجارحة من سباع الطير: كالصقر والبازي والعقاب والباشق، فأكل من الصيد عقيب قتله.. فالمنصوص للشافعي: أنه كالكلب والفهد على قولين.
وقال المزني: أكل الطير لا يحرم قولا واحدا ـ وهو قول أبي حنيفة ـ لأنه لا يمكن أن يضرب على الأكل.
وقال أبو علي الطبري: إذا قلنا: لا يحرم ما أكل منه الكلب.. فما أكلت منه سباع الطير أولى، وإن قلنا: يحرم ما أكل منه الكلب.. فهل يحرم ما أكل منه الطائر؟ فيه وجهان.
والأول أصح؛ لأنه جارحة أكل مما قتله عقيب قتله، فأشبه ما أكل منه الكلب والفهد.
وإن شرب الجارحة من دم الصيد.. لم يحرم ذلك قولا واحدا.
وحكى ابن المنذر عن النخعي والثوري: أنهما كرها أكل ما احتسى الجارحة دمه.
دليلنا: قوله ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ: «فإن أكل منه.. فلا تأكل» وهذا لم يأكل منه، ولأن الدم لا يقصده الصائد ولا منفعة له فيه، فلم يمنع الجارحة منه.
مسألة: إدخال الكلب نابه في الصيدإذا أدخل الكلب نابه أو ظفره في الصيد وجرحه. فهل يحكم بنجاسة ذلك الموضع؟ فيه قولان، حكاهما صاحب " الإبانة ":
أحدهما: لا يحكم بنجاسته؛ لأن الله تعالى قال: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} المائدة: 4 المائدة: 4 ولم يأمره بغسله، ولو كان نجسا.. لأمر بغسله.
والثاني ـ وهو الأظهر، ولم يذكر الشيخ أبو حامد غيره ـ: أنه يحكم بنجاسته؛ لأنه جزء من الكلب، فينجس ما أصابه مع الرطوبة، كالإناء.
فإذا قلنا بهذا: فما الحكم في ذلك؟ فيه ثلاثة أوجه: