والثاني: يملكه؛ لأن الكلب قد أمسكه له وأمكنه أخذه.
وإن كان في يده صيد فانفلت الصيد منه.. لم يزل ملكه عنه، سواء كان الصيد طائرا أو غيره، وسواء لحق بالبراري أو لم يلحق، وبه قال أبو حنيفة.
وقال مالك: (إن كان يطير في البلد وحوله.. فهو على ملك من كان بيده، وإن لحق بالبراري وعاد إلى أصل التوحش.. زال ملكه عنه وكان لمن اصطاده) .
دليلنا: أنه مال لمسلم فلم يزل ملكه بزوال يده عنه، كالعبد إذا أبق. وفيه احتراز من الحربي إذا قهر على ما بيده، فأما إذا أفلته من هو بيده باختياره.. ففيه ثلاثة أوجه:
أحدها - وهو قول أبي علي بن أبي هريرة -: أنه يزول ملكه عنه؛ لأنه أزال يده عنه فأشبه ما لو كان معه عبد فأعتقه.
والثاني ـ وهو قول أبي إسحاق، واختيار القاضي أبي الطيب ـ: أنه لا يزول ملكه عنه، كما لو كان معه بهيمة فسيبها.
والثالث ـ وهو قول أبي علي في " الإفصاح "ـ: إن قصد بذلك التقرب إلى الله في إفلاته وتخليصه.. زال ملكه عنه، وإلا.. لم يزل.
وقال المسعودي في " الإبانة " : إن قال: أعتقته.. لم يزل ملكه عنه بذلك، وإن قال: أبحته لغيري.. حل لغيره ولا يزول ملكه عنه بذلك.
وإن كان معه ماء فصبه، أو غير ذلك من المحقرات فطرحه.. فهل يزول ملكه عنه؟ فيه وجهان، كالوجهين الأولين، حكاهما في " الفروع ".
قال الشاشي: والسواقط من الثمار تحت الأشجار إذا لم تكن محرزة وجرت عادة أهلها بإباحتها.. فهل تجري العادة في ذلك مجرى الإذن؟ فيه وجهان، حكاهما عن " كتاب الحاوي ". وبالله التوفيق