طعاما، فأكل أحدهما ما أباحه له، ورجع عما أباحه لصاحبه.. كان له ذلك؟ فقال: إنما أباح كل واحد منهما للآخر بسبب إباحة الآخر له، فقلت له: هذا معنى المعاوضة دون الإباحة؛ لأن الإباحة إذا وجدت بعوض.. لم تكن إباحة.
والمشهور: أنه لا بد من الإيجاب والقبول؛ لأنه عقد معاوضة، فافتقر إلى الإيجاب والقبول، كالنكاح.
إذا ثبت هذا: فالإيجاب أن يقول البائع: بعتك، أو ملكتك بكذا، فيقول المبتاع: ابتعت، أو قبلت، أو اشتريت، أو قد اشتريت، فيصح.
فإن قال المشتري: بعني، فقال البائع: قد بعتك.. انعقد البيع وإن لم يقل المشتري: قبلت.
وقال أبو حنيفة، وأحمد رحمهما الله: (لا ينعقد) .
دليلنا: أن كل عقد انعقد بالإيجاب والقبول.. انعقد بالإيجاب والاستدعاء، كالنكاح.
وإن قال المشتري: أتبيعني هذا بكذا؟ فقال البائع: بعتك.. لم ينعقد البيع؛ لأن قوله: (أتبيعني؟) استفهام، وليس باستدعاء، فلم ينعقد به البيع.
فإن فصل بين الإيجاب والقبول بزمان طويل، أو نام أحدهما، أو حجر عليه، أو قام من المجلس، ثم قبل.. لم يصح البيع.
وإن فصل بينهما بزمان قليل، بأن قال: بعتك داري بألف، فصبر المشتري زمانا قليلا، إلا أنه لم يفارق المجلس، ثم قال: قد اشتريت.. ففيه وجهان، حكاهما الصيمري، المشهور: أنه لا يصح.
وإن قال: بعتك داري بألف، فمات المشتري عقيب الإيجاب، وقبل القبول، وكان وارثه حاضرا، فقال الوارث عقيب موت مورثه: قبلت.. ففيه وجهان: