فإن باعه من غيره، أو رهنه، أو أعتقه.. قبل منه، وإن رهنه، أو أجره، أو زوجه.. لم يقبل منه ذلك؛ لأن ذلك لا يزيل ملكه عنه، وإن كاتبه.. ففيه قولان:
أحدهما: يقبل منه؛ لأن بالكتابة يصير كالخارج عن ملكه.
والثاني: لا يقبل منه؛ لأن الكتابة لا تزيل ملكه، فهي كالتزويج.
فإذا قلنا: لا ينعقد ابتياع الكافر للعبد المسلم، فوكل المسلم كافرًا ليشتري عبدًا مسلمًا.. ففيه وجهان:
الأول : قال القاضي أبو الطيب: لا يصح، كما لا يصح أن يكون الكافر وكيلا للمسلم، ليتزوج له مسلمة.
و الثاني : قال ابن الصباغ: يصح، كما يصح للفاسق أن يكون وكيلا في البيع، وإن لم يصح أن يكون وليًّا للنكاح.
وإن اشترى الكافر أباه المسلم، أو ابنه المسلم، فإن قلنا: يصح ابتياعه للمسلم إذا كان أجنبيًّا، لا يعتق عليه.. فهاهنا أولى. وإن قلنا هناك: لا يصح.. فهاهنا وجهان:
أحدهما: لا يصح؛ لأنه يملك به المسلم، فلم يصح كالأجنبي.
والثاني: يصح؛ لأن ملكه لا يستقر عليه، وإنما يعتق عليه بالملك، فيحصل له من الكمال بالحرية، أكثر مما يحصل عليه من الصغار بالملك، فصح، كما إذا قال أعتق عبدك عني.. فإنه يصح العتق، كذلك هاهنا.
مسألةٌ: إعتاق الكافر المسلمقال ابن الصباغ: إذا قال الكافر لآخر: أعتق عني عبدك المسلم عن كفارتي، فأعتقه عنه.. صح، ويدخل في ملكه، ويخرج منه بالعتق، وإنما جاز ذلك؛ لأن قوله أعتقته عنك ليس بتمليك له، وإنما هو إبطال الرق فيه، وإنّما حصل له الملك فيه حكمًا، كما يملكه بالإرث حكمًا.