يقول: اسقيني الماء، أو قدِّمي لي الخبز، بخلاف النخلة؛ لأنه ليس لمثلها أجرة، ألا ترى أنه لا يجوز إجارتها، ويجوز إجارة الجارية؟
وإن زادت في يده، فإن كانت الزيادة موجودة لم تتلف.. لزمه رد الجارية، ورد زيادتها، سواء كانت متصلة أو منفصلة؛ لأنها ملك للبائع، وإن تلفت الزيادة، وبقيت الجارية، بأن سمنت في يد المشتري، ثم هزلت، أو تعلمت القرآن أو صنعةً في يده، ثم نسيت ذلك.. لزمه رد الجارية. وهل يلزمه أرش الزيادة؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يلزمه؛ لأن البائع دخل في البيع ليأخذ بدل العين دون بدل الزيادة.
والثاني ـ وهو المنصوص ـ: (أنه يلزمه أرش الزيادة التي تلفت في يده) ؛ لأنها حدثت في ملك البائع، فكان له بدلُها، وقول الأول: إن البائع لم يدخل في البيع ليأخذ بدل الزيادة يبطل بالأجرة، فإنه لم يدخل في البيع ليأخذها، ومع هذا: فإنه يستحق الأجرة.
وإن قبضها المشتري وهي سمينةٌ، فهزلت في يده، أو قبضها وهي تحفظ القرآن، أو تحسن صنعة، فنسيت ذلك في يده.. لزمه رد الجارية، وأرش النقص؛ لأنه ضمن ذلك بالقبض، فلزمه قيمته إذا تلف، كالغاصب، وإن تلفت الجارية في يده.. لزمه قيمتها. وفي قدرها وجهان:
أحدهما: يلزم قيمتها يوم تلفها؛ لأنه مأذون له في إمساكها، فلزمه قيمتها يوم التلف، كالعارية.
والثاني ـ وهو الصحيح ـ: أنه يلزمه قيمتها أكثر ما كانت من حين قبضها إلى أن تلفت؛ لأنه قبض مضمون في عين يجب ردّها، فإذا هلكت.. ضمنها بقيمتها أكثر ما كانت من حين القبض إلى حين التلف، كالمغصوب.
فقولنا: (قبضٌ مضمونٌ) احترازٌ من قبض الوديعة وغيرها من الأمانات.
وقولنا: (في عين يجبُ ردُّها) احترازٌ من قبض المشتري المبيع، فإنه قبض مضمون بالثمن، إلا أنه لا يجب ردّه، ويخالف العارية، فإن المستعير لو ردّها ناقصة بالاستعمال.. لم يجب عليه شيء، بخلاف هذا.