إن كانا قد تقابضا. وإن قلنا: إن الصفقة تفرق.. فإن المشتري بالخيار: بين أن يفسخ البيع؛ لأن الصفقة تفرقت عليه، وبين أن يجيزه، فإن اختار أن يجيزه.. فبكم يمسك ما صح فيه البيع؟ فيه قولان:
أحدهما: أنه يمسك الجائز بجميع الثمن المسمى؛ لأن عقد البيع إنما يتوجه إلى ما يجوز بيعه، دون ما لا يجوز بيعه، فكأنه لم يذكر في العقد غيره.
والثاني: يمسكه بحصته من الثمن، وهو الصحيح؛ لأنه لم يبذل الثمن إلا في مقابلهما، فلا يؤخذ منه جميعه بأحدهما.
واختلف أصحابنا في موضع القولين:
فمنهم من قال: القولان إذا باع عينين يتقسط الثمن عليهما على قدر قيمتيهما، كالعبدين والثوبين. فأمّا إذا كان المبيع مما يتقسط الثمن على أجزائه، كالكرّين من الطعام، أو عبد بعضه له وبعضه لغيره.. فإنه يمسك الجائز بحصته من الثمن، قولاً واحدًا؛ لأن ما يتقسط الثمن فيه على القيمة يكون ما يخص الجائز مجهول، فدعت الحاجة إلى أن يجب عليه جميع الثمن، بخلاف ما يتقسط الثمن على أجزائه؛ لأن ثمن الجائز معلوم.
ومنهم من قال: القولان في الجميع، وهو الصحيح؛ لأن الشافعي نص على القولين في بيع الثمرة بعد بدوّ الصلاح وقبل إخراج الزكاة، والثمرة مما يتقسط الثمن فيها على أجزائها.
وإن كان أحد المبيعين غير متقوم، بأن باعه خلاًّ وخمرًا، أو عبدًا وحرًّا، فإن قلنا في التي قبلها: إنّه يمسك الجائز بجميع الثمن.. فكذلك هذا مثله.
وإن قلنا: إنه يمسك الجائز بحصته من الثمن.. ففي هذا ثلاثة أوجه:
أحدها: يبطل البيع، قولاً واحدًا؛ لأنّ الخمر والحرّ لا قيمة لهما، فلا يمكن تقسيط الثمن عليهما.