والقول الثاني: لا يصح البيع، وهو اختيار الشافعي؛ لأنه حق لآدمي تعلق برقبة العبد، فمنع صحة البيع، كالرهن، بل حق الجناية آكد؛ لأنها تقدم على الرهن.
إذا ثبت هذا: فاختلف أصحابنا في موضع القولين على ثلاث طرق:
فـأوَّلها : منهم من قال: القولان في الحالين سواءٌ كانت الجناية عمدًا أو خطأً؛ لأن القصاص حق آدمي، فهو كالمال، ولأنه يسقط إلى المال.
و ثانيها : منهم من قال: القولان إذا كانت الجناية عمدًا، فأمَّا إذا كانت خطأً.. فلا يصح البيع، قولاً واحدًا؛ لأنه تعلق برقبته مال، فهو كالمرهون. وهذا القائل يقول: أصل هذا: ما الموجب بقتل العمد؟ فيه قولان:
أحدهما: القود فقط.
فعلى هذا: يجوز بيعه، كالمرتد.
والثاني: أن موجبه أحد الأمرين: إما القصاص، وإما الدية، فلا يجوز بيعه، كالمرهون.
و ثالثها : منهم من قال: القولان إذا كانت الجناية خطأً، فأما إذا كانت عمدًا صحَّ البيع، قولاً واحدًا؛ لأنه يخاف هلاكه بالقصاص، فهو كالمرتد والمريض.
قال الشيخ أبو حامد: وهذه الطريقة أصح؛ لأن الشافعي قال: (فيه قولان، أحدهما: البيع جائز، وعلى السيد الأقل من قيمته أو أرش جنايته، وإنما يكون هذا على السيد في جناية خطأً) .
فأما في جناية العمد: فإن للمجني عليه القصاص.
إذا ثبت هذا: فإن قلنا: إن البيع باطلٌ.. فإنه يرد العبد ويسترجع الثمن. وإن قلنا: إن البيع صحيحٌ.. نظرت:
فإن كانت الجناية خطأً أو عمدًا، فعفا المجنيُّ عليه على المال.. ففيه وجهان:
أحدهما ـ وهو ظاهر النص ـ: أن البائع يلزمه الفداء؛ لأن الشافعي قال: (البيع