فحيث قال: (للمشتري الخيار) أراد: إذا كانت السلعة قائمة يمكنه فسخ البيع؛ لأنه يزيل ضررًا عن نفسه ولا يلحق ضررًا بالبائع.
وحيث قال: (لا خيار له) أراد: إذا كانت السلعة تالفةً؛ لأنه يزيل ضررًا عن نفسه ويلحقه بالبائع، فلم يجز.
و الطريق الثالث : من أصحابنا من قال: إن ثبتت خيانة البائع بإقراره.. فلا خيار للمشتري، قولاً واحدًا؛ لأن ذلك يدل على أمانته، وإن ثبت ذلك بالبينة.. فهل يثبت للمشتري الخيار؟ فيه قولان. قال الشيخ أبو حامد: ولعل هذا أسد الطرق.
إذا ثبت هذا: فإن قلنا: للمشتري الخيار، ففسخ البيع.. فلا كلام. وإن قلنا: لا خيار له، أو قلنا: له الخيار، فاختار الإجازة.. فهل يثبت للبائع الخيار؟
قال أكثر أصحابنا: فيه وجهان، وحكاهما القاضي أبو الطيب قولين:
أحدهما: لا خيار له؛ لأنه رضي ببيعه برأس المال وقدر له من الربح، وقد بان أن هذا هو رأس المال وقدره من الربح.
والثاني: له الخيار؛ لأنه دخل في العقد على أن يأخذ بمائة وعشرة، فإذا نقص عن ذلك.. ثبت له الخيار.
إذا ثبت هذا: فإن الشيخ أبا إسحاق في " المهذب " أومأ إلى: أن العين إذا كانت تالفةً.. أن البيع يلزم بتسعة وتسعين، قولاً واحدًا، ولا خيار له؛ لأن إثبات الخيار له يؤدي إلى الضرر بالبائع، وهذا مخالفٌ لما تقدم من كلام الشيخ أبي حامد. وذكر ابن الصبّاغ: أنها إذا كانت تالفةً، وقلنا: إنه يأخذ بمائة وعشرة.. فإن خياره لا يسقط، بل يكون بمنزلة المعيب إذا تلف في يده، وعلم بعيبه.. فيرجع بقدر الخيانة، كما يرجع بأرش العيب.