وإن كان الدين مؤجلا، فإن كان الإذن من المرتهن مطلقا، فباع الراهن.. صح البيع، وانفسخ الرهن، ولم يتعلق حق المرتهن بالثمن، وبه قال أبو يوسف.
قال أبو حنيفة، ومحمد رحمهما الله: (يكون الثمن رهنا إلى أن يحل الحق) .
دليلنا: أنه تصرف في عين الرهن لا يستحقه المرتهن، فإذا أذن فيه المرتهن.. سقط حقه من الوثيقة، كالعتق.
فقولنا: (في عين الرهن) احتراز من العقد على منافع الرهن.
وقولنا: (لا يستحقه المرتهن) احتراز من البيع بعد حلول الحق.
قال في " الأم " 3/128 : (فإن قال المرتهن: إني أردت بإطلاق الإذن أن يكون الثمن رهنا مكانه.. لم يلتفت إلى قوله، وحمل إذنه على الإطلاق، ولا تؤثر الإرادة فيه) .. وإن أذن له في البيع، بشرط أن يكون الثمن رهنا، فباعه. ففيه قولان:
أحدهما: أن البيع صحيح، ويكون ثمنه رهنا، وبه قال أبو حنيفة، وأحمد، والمزني رحمة الله عليهم؛ لأنه لو أذن له في البيع، بشرط أن يرهنه عينا أخرى مكان هذا الرهن.. لصح ذلك، فكذلك إذا اشترط كون الثمن رهنا، ولأنه لو أذن له بعد المحل بالبيع، بشرط أن يكون الثمن رهنا إلى أن يوفيه الحق.. جاز، فكذلك إذا شرط ذلك قبل المحل.
والقول الثاني: أن البيع لا يصح؛ لأنه بيع بشرط مجهول؛ لأن الذي يباع به الرهن من الثمن مجهول، فلم يصح، كما لو أذن له في البيع، بشرط أن يرهنه عينا مجهولة.
وإن أذن له في البيع، بشرط أن يعجل له حقه، فباعه.. فالمنصوص: (أن البيع باطل) .
وقال أبو حنيفة، وأحمد، والمزني رحمة الله عليهم: (يصح، ويكون ثمنه رهنا، ولا يجب التعجيل) .