الابتداء، فجاز أن يثبت له على ملكه المال في الاستدامة دون الابتداء. وقال القفال: يبنى على وقت وجوب الدية، وفيها قولان:
أحدهما: تجب بعد موت المقتول في ملك الورثة؛ لأنها بدل نفسه، فلا تجب في حياته.
فعلى هذا: لا يثبت للسيد المال، كما لو أتلف له مالا.
والثاني: تجب في آخر جزء من أجزاء حياة المقتول، ثم تنتقل إلى ورثته؛ لأنه يقضى منها دينه، وينفذ منها وصاياه.
فعلى هذا: هل يثبت للسيد المال؟ فيه وجهان، بناء على الوجهين فيمن جنى عليه عبد غيره، ثم ملكه المجني عليه.. فهل يستدام عليه وجوب الأرش؟ فيه وجهان.
وإن قتل العبد المرهون سيده عمدا.. فلوارثه أن يقتص منه، كما كان للسيد أن يقتص منه. فإن أراد الوارث أن يعفو عنه على مال، أو كانت الجناية خطأ.. فهل يثبت لهم المال؟ ذكر الشيخان، أبو حامد، وأبو إسحاق: أنها على قولين:
أحدهما: لا يثبت للوارث المال؛ لأن الوارث قائم مقام السيد، فلما لم يثبت للسيد المال في هذه الجناية.. لم يثبت لمن يقوم مقامه.
والثاني: يثبت للوارث المال؛ لأنه يأخذ المال عن جناية حصلت في غير ملكه، فصار كما لو جنى على من يرثه السيد.
وقال أبو علي بن أبي هريرة: هذان القولان مبنيان على وقت وجوب الدية:
فإن قلنا: إنها وجبت في آخر جزء من أجزاء حياة المقتول.. لم تثبت الدية للوارث؛ لأنها وجبت لسيده.
وإن قلنا: إنها وجبت بعد موته في ملك الورثة.. ثبتت الدية للوارث؛ لأنها تثبت لغير مولاه بالجناية. وهذه طريقة القفال.
قال ابن الصباغ: وهذا ليس بصحيح؛ لأنها إذا وجبت بعد موت السيد، فقد وجبت لهم على ملكهم، بل القولان أصل بأنفسهما غير مبنيين على غيرهما.