دليلنا: أن كونه خمرا يمنع صحة التصرف فيه، والضمان على متلفه، فبطل به الملك والرهن، كموت الشاة.
إذا ثبت هذا: فإنه يجب إراقته، فإن أتلف.. فلا كلام، ولا خيار للمرتهن في البيع إن كان شرط رهنه فيه إذا كان انقلابه بيده؛ لأن التلف حصل بيده. وإن استحال الخمر خلا بنفسه من غير معالجة.. عاد الملك فيه للراهن بلا خلاف، وعاد الرهن فيه للمرتهن؛ لأنا إنما حكمنا بزوال ملك الراهن عنه، وبطلان الرهن بحدوث الشدة المطربة، وقد زالت تلك الشدة من غير نجاسة خلفتها، فوجب أن يعود إلى الملك السابق كما كان.
فإن قيل: أليس العقد إذا بطل.. لم يصح حتى يبتدأ، والرهن قد بطل، فكيف عاد من غير تجديد عقد؟
فالجواب: أنا إنما نقول ذلك، إذا وقع العقد فاسدا، فأما إذا وقع العقد صحيحا، ثم طرأ عليه أمر أخرجه عن حكم العقد، فإنه إذا زال ذلك المعنى.. عاد العقد صحيحا، كما نقول في زوجة الكافر إذا أسلمت، فإن وطأها يحرم عليه، فإذا أسلم الزوج قبل انقضاء العدة.. عاد العقد كما كان، وكذلك إذا ارتد الزوجان أو أحدهما.
فإن استحال الخمر خلا بصنعة آدمي.. لم يطهر بذلك، بل تزول الخمرية عنه، ويكون خلا نجسا لا يحل شربه، ولا يعود ملك الراهن فيه، ولا الرهن.
وقال أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (يكون طاهرا يحل شربه، والرهن فيه بحاله) .
دليلنا: ما «روى أبو طلحة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: لما نزل تحريم الخمر.. قلت: يا رسول الله، إن عندي خمرا لأيتام ورثوه، فقال: "أرقه"، قلت: أفلا أخلله؟ قال: "لا» . فنهاه عن التخليل. وظاهر هذا يقتضي التحريم.
فإن كان مع رجل خمر فأراقه، فأخذه آخر، فصار في يده خلا، أو وهبه لغيره، فصار في يد الموهوب له خلا.. ففيه وجهان:
أحدهما : من أصحابنا من قال: يكون لمن أراقه؛ لأنه يعود إلى الملك