والقول الثاني: يلزمه أن يغرم؛ لأنه منع من بيعه لأرش الجناية بعقد الرهن، فصار كما لو قتل عبده، ثم أقر أنه كان جنى.. فإنه يلزمه الغرم للمجني عليه.. ولا فرق بين أن يعلم بالجناية عند عقد الرهن، أو لا يعلم؛ لأن حقوق الآدميين تضمن بالعمد والخطأ.
فإذا قلنا بهذا: فكم يلزمه أن يغرم؟ فيه طريقان:
الطريق الأول : قال أبو إسحاق: فيه قولان:
أحدهما: أقل الأمرين من قيمته، أو أرش الجناية.
والثاني: أرش الجناية بالغا ما بلغ، كالمسألة قبلها.
و الطريق الثاني : قال أكثر أصحابنا: يلزمه أقل الأمرين، قولا واحدا، وهو المنصوص؛ لأنه لا يمكن البيع هاهنا، فهو كأم الولد.
قال ابن الصباغ: ويمكن من قال بالطريق الأول أن يجيب عن هذا: بأن هذا منع من بيعه بالرهن بعد أن كان يمكن بيعه بالجناية، وأم الولد منع من بيعها قبل الجناية.
فإن نكل المرتهن عن اليمين.. فعلى من ترد اليمين؟ فيه وجهان:
أحدهما ـ وهو المنصوص ـ: (أنها ترد على المجني عليه) ؛ لأن الأرش له، فحلف لإثباته.
و الثاني : من أصحابنا من قال: ترد على الراهن؛ لأنه هو المالك للرهن، والخصومة بينه وبينه فيه.
فإذا قلنا: ترد اليمين على المجني عليه، فنكل.. فهل ترد على الراهن؟ فيه قولان.
وإن قلنا: ترد على الراهن، فنكل.. فهل ترد على المجني عليه؟ فيه قولان، بناء على القولين في المفلس إذا أقام شاهدا على حق له على غيره، ولم يلحف معه.. فهل يحلف الغرماء معه؟ فيه قولان.