دليلنا: أنه ليس له مطالبته بالحق، فلم يكن له مطالبته بالكفيل أو الرهن، كما لو لم يرد السفر.
وإن كان السفر للجهاد.. ففيه وجهان:
أحدهما : من أصحابنا من قال: له منعه من السفر إلى أن يقيم له كفيلا أو يعطيه رهنا بدينه؛ لأن الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - قال: (ولا يجاهد إلا بإذن أهل الدين) . ولم يفرق بين الحال والمؤجل، ولأن المجاهد يعرض نفسه للقتل طلبا للشهادة، فلم يكن بد من إقامة الكفيل؛ ليستوفي صاحب الدين دينه منه.
و الثاني : منهم من قال: لا يلزمه ذلك؛ لأن الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - قال: (وإذا أراد الذي عليه الدين إلى أجل السفر، وأراد غريمه منعه؛ لبعد سفره وقرب أجله.. لم يكن له منعه) . ولم يفرق بين سفر الجهاد وغيره، لأنه لم يحل الدين، فلم يملك المطالبة بذلك، كما لو كان السفر لغير الجهاد.
وإن كان الدين حالا، فإن كان معسرا.. لم يجز مطالبته؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} البقرة: 280 البقرة: 280 . ولا يجوز لغريمه ملازمته، وبه قال مالك رحمة الله عليه.
وقال أبو حنيفة رحمة الله عليه: (ليس للغريم مطالبته، ولكن له ملازمته، فيسير معه حيث سار، ويجلس معه حيث جلس، إلا أنه لا يمنعه من الاكتساب، وإذا رجع إلى داره، فإن أذن لغريمه بالدخول معه.. دخل معه؛ وإن لم يأذن له بالدخول.. كان للغريم منعه من الدخول) .
دليلنا: قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} البقرة: 280 . فأمر بإنظار المعسر، فمن قال: إنه يلازمه.. فقد خالف ظاهر الآية.
وروي: «أن رجلا ابتاع ثمرة، فأصيب بها، فكثر دينه، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "تصدقوا عليه". فتصدقوا عليه، فلم يف بما عليه. فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لغرمائه: