فإذا حلف، ثم ظهر له غريم آخر.. قال الصيمري: لم يحلف له ثانيا؛ لأنه قد ثبت إعساره باليمين الأولى.
وإن كان في يده مال، فقال: هو لزيد وديعة، أو مضاربة، فإن كان المقر له غائبا.. حلف من عليه الدين، وسقطت عنه المطالبة؛ لأن الأصل العسرة، وما ذكره ممكن. وإن كان المقر له حاضرا.. رجع إليه، فإن كذبه.. قسم المال بين الغرماء، وإن صدقه.. حكم به للمقر له، فإن طلب الغريم يمين المقر له أنه صادق في إقراره.. فهل يجب إحلافه؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يجب إحلافه؛ لأنه لو رجع عن إقراره.. لم يقبل، فلا معنى لإحلافه.
والثاني: أنه يجب إحلافه، فإن لم يحلف.. حبس؛ لجواز أن يكون قد واطأ المقر له على ذلك.
فإن طلب الغريم يمين المقر له أن المال له. قال ابن الصباغ: فعندي: أنه يحلف؛ لأنه لو أكذب المقر. ثبت المال للغرماء، فإذا صدقه.. حلف.
إذا ثبت هذا: فكل موضع حكمنا بإعساره بالبينة أو بيمينه.. فإنه لا يحبس، وكل موضع لم نحكم بإعساره.. وجب حبسه، ولا غاية للحبس عندنا، بل يحبس حتى يكشف عنه ثلاثا أو أربعا، فمتى ثبت إعساره.. خلي، ولا تغفل المسألة عنه.
وقال أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - في رواية (الأصول) : (يحبس أربعة أشهر) . وقال في موضع: (ثلاثة أشهر) . وقال في موضع: (أربعين يوما) . وقال في موضع: (يحبس شهرا) .
قال أصحابه: ليس هذا على سبيل التحديد، وإنما هو على قدر حال المفلس، فإن كان ممن لا يعلم بحاله إلا بحبس أربعة أشهر.. حبس قدر ذلك، وكذلك إذا كان لا يعلم بحاله إلا بحبس ثلاثة أشهر.. حبس قدر ذلك.
دليلنا: أنه لا سبيل إلى العلم بحاله من طريق القطع، وإنما يعلم بحاله من طريق الظاهر، وذلك يعلم بحبس ثلاثة أيام أو أربعة وما أشبه ذلك.