قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في موضع: (له أن يرجع فيها) . وقال في موضع: (يسقط حقه من الرجوع فيها) . واختلف أصحابنا فيها:
فمنهم من قال: فيها قولان:
أحدهما: للبائع أن يرجع في أرضه وإن لم يدفع قيمة الغراس والبناء؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فصاحب المتاع أحق بمتاعه، إذا وجده بعينه» . ولم يفرق، ولأن أكثر ما فيه أنه وجد ملكه مشغولا بملك غيره، وذلك لا يسقط حقه من الرجوع، كما لو باع ثوبا، فصبغه المشتري بصبغ من عنده.
والثاني: ليس له الرجوع في أرضه؛ لأن الأرض قد صارت مشغولة بملك غيره، فسقط حقه من الرجوع فيها، كما لو اشترى من رجل مسامير، وسمر فيها بابا، ثم أفلس.. فإنه ليس لبائع المسامير أن يرجع فيها، ولأن رجوع البائع في عين ماله إنما جعل له لإزالة الضرر عنه، فلو جوزنا له الرجوع هاهنا.. لأزلنا عنه الضرر، وألحقناه بالمفلس والغرماء؛ لأنه لا يبقى لهم طريق إلى غراسهم وبنائهم.
ومنهم من قال: ليست على قولين، وإنما هي على حالين:
فالموضع الذي قال: (يرجع في أرضه، ولا يدفع قيمة الغراس والبناء) إذا كانت قيمة الأرض أكثر من قيمة الغراس والبناء؛ لأن الغراس والبناء تابع للأرض.
والموضع الذي قال فيه: (لا يرجع في الأرض) إذا كانت قيمة الغراس والبناء أكثر من قيمة الأرض؛ لأن الأرض تكون تابعة للغراس والبناء.
والصحيح: أنها على قولين؛ لأن بائع الأرض لو بذل قيمة الغراس والبناء.. لكان له الرجوع في أرضه، سواء كانت قيمة الأرض أكثر من قيمة الغراس والبناء أو أقل.
فإذا قلنا: ليس له الرجوع في أرضه.. فلا كلام، وإن قلنا: له الرجوع في أرضه وإن لم يدفع قيمة الغراس والبناء، فرجع فيها.. نظرت: