فإذا قلنا بهذا: فإن قضى الدين.. نفذ تصرفه، وإن لم يقض الدين.. لم ينفذ تصرفه؛ لأنا إنما صححنا التصرف تصحيحا موقوفا على قضاء الدين، كما صححنا تصرف المريض بماله تصرفا موقوفا.
فإن باع عبدا، ثم مات البائع، ووجد المشتري بالعبد الذي اشتراه عيبا، فرده، فإن كان الثمن باقيا بعينه. استرجعه، وإن كان تالفا.. رجع المشتري بالثمن في تركة الميت، فإن كان الوارث قد تصرف بالتركة قبل ذلك، أو كان حفر الرجل بئرا في طريق المسلمين ومات، وتصرف وارثه بتركته، ثم وقع في تلك البئر بهيمة أو رجل.. وجب ضمان ذلك في تركة الميت، وهل يصح تصرف الوارث قبل ذلك؟
إن قلنا في المسألة قبلها: إنه يصح تصرفه.. فهاهنا أولى، وإن قلنا هناك: لا يصح.. ففي هذه وجهان:
أحدهما: يصح تصرفه؛ لأنه تصرف في مال له، لم يتعلق به حق أحد.
والثاني: لا يصح؛ لأنا تبينا أنه تصرف والدين متعلق بالتركة.
فرع: وجد أحد غرماء الميت ماله بعينه : وإن كان في غرماء الميت من باع منه عينا، ووجد عين ماله، ولم يقبض ثمنها، فإن كانت التركة لا تفي بالدين.. فللبائع أن يرجع في عين ماله.
وقال مالك، وأبو حنيفة: (لا يرجع فيها، بل يضرب مع الغرماء بدينه) .
دليلنا: ما «روى عمر بن خلدة الزرقي قاضي المدينة، قال: أتينا أبا هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في صاحب لنا أفلس، فقال: هذا الذي قضى فيه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أيما رجل مات، أو أفلس.. فصاحب المتاع أحق بمتاعه، إذا وجده بعينه» وهذا نص في موضع الخلاف.
وإن كان ماله يفي بالدين.. ففيه وجهان: