حكم ببلوغه، وهل هو بلوغ فيه، أو دلالة على البلوغ؟ فيه قولان:
أحدهما: أنه بلوغ في نفسه؛ لأن ما حكم به بالبلوغ.. كان بلوغا في نفسه، كالاحتلام.
والثاني: أنه ليس ببلوغ في نفسه، وإنما هو دلالة على البلوغ؛ لأن العادة جرت أنه لا يظهر إلا في وقت البلوغ.
فإذا قلنا: إنه بلوغ في حق الكافر.. كان بلوغا في حق المسلم؛ لأن ما كان بلوغا في حق الكافر.. كان بلوغا في حق المسلم، كالاحتلام.
وإذا قلنا: إنه ليس ببلوغ في حق الكافر، وإنما هو دلالة على البلوغ.. فهل يجعل ذلك دلالة في حق المسلم؟
منهم من قال: فيه وجهان، ومنهم من قال: فيه قولان:
أحدهما: أنه دلالة على بلوغه؛ لأن ما كان دلالة على البلوغ في حق الكافر.. كان دلالة وعلما على البلوغ في حق المسلم، كالحمل.
والثاني: أنه لا يكون دلالة على بلوغ المسلم؛ لأنه يمكن الرجوع إلى معرفة سن المسلم؛ لأنه مولود بين المسلمين، ولا يمكن ذلك في سن الكافر، فلذلك جعل الإنبات علما على بلوغه، ولأن الإنبات قد يستدعى بالدواء قبل أوانه، فالمسلم قد يتهم بأنه قد يعالج نفسه للإنبات؛ لأنه يستفيد بذلك زوال الحجر عنه، وكمال تصرفه، وقبول شهادته، والكافر لا يتهم بذلك؛ لأنه لا يستفيد بذلك إلا وجوب القتل، وضرب الجزية. هذا مذهبنا.
وقال أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (الإنبات لا يكون بلوغا، ولا دلالة على البلوغ في حق المسلم والكافر) .
دليلنا: ما «روى عطية القرظي: أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حكم سعد بن معاذ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في بني قريظة، فحكم بسبي ذراريهم، ونسائهم، وقسم أموالهم، وقتل من جرت عليه الموسى، فأمر أن يكشف عن مؤتزريهم، فمن أنبت منهم.. فهو من المقاتلة، ومن لم ينبت.. فهو من الذراري، فبلغ ذلك النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لقد حكمت