جوازه، ولأنه مأذون فيه من طريق العرف؛ لأن من يرضى بشاة تساوي دينارا بدينار.. يرضى بشاتين تساوي كل واحدة منهما دينارا بدينار.
فإذا قلنا بهذا: فباع الوكيل إحداهما.. فهل يصح؟ فيه وجهان:
أحدهما: يصح؛ لحديث عروة البارقي، ولأنه قد بلغه مقصودة، فصح كما لو اشترى له شاة تساوي دينارا بنصف دينار، فأتاه بشاة ونصف دينار.
والثاني: لا يصح؛ لأنه باع مال غيره بغير إذنه، فلم يصح، كما لو اشترى له شاة بدينار، فباعها بدينارين، وحديث عروة يتأول على: أنه كان وكيلا مطلقا.
والقول الثاني: إن الملك انتقل إلى الموكل في إحداهما، وإلى الوكيل في الأخرى، ووجهه من حديث عروة البارقي: (أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أجاز بيعه في إحداهما) .
فلولا أن عروة قد ملك إحداهما.. لما صح بيعه فيها، إذ لو ملكهما النبي صلى الله عيه وسلم.. لما صح بيع عروة لإحداهما بغير إذنه، ولأن الموكل أذن له في ابتياع شاة، فملكها، ولم يأذن له في ابتياع الأخرى، فلم يملكها.
فإذا قلنا بهذا: كان الموكل بالخيار: بين أن يأخذ إحداهما بنصف دينار، ويرجع على الوكيل بنصف دينار، وبين أن يأخذهما جميعا بالدينار؛ لأنه إذا جاز للشفيع أن ينتزع ملك المشتري بالثمن بغير اختياره لاشتراكهما في الملك.. فلأن يجوز للموكل أن ينتزع ملك الوكيل الذي أضاف ابتياعه والعقد فيه إليه أولى وأحرى.
وأما إذا كانت إحدى الشاتين تساوي دينارا، والأخرى لا تساوي دينارا.. ففيه وجهان، حكاهما ابن الصباغ:
أحدهما: لا يصح الشراء في حق الموكل في واحدة منهما؛ لأنه أذن له في شراء شاة تساوي دينارا، فلا يقع له غيرها.
والثاني: يصح، وهو الأقيس، ولم يذكر في " المجموع " و" الفروع " غير هذا؛ لأنه قد وجد المأذون فيه، وزيادة.
فإن قلنا: إنهما للموكل، فباع الوكيل التي تساوي دينارا.. لم يصح بيعه لها،