وإن أعلم بها أمينا، فإن كان غير ساكن في تلك الدار.. ضمنها؛ لأنه لم يودعه، إذا لم يقبضه إياها، وإن كان ساكنا في تلك الدار، ولم يقدر على المالك، أو وكيله، أو الحاكم.. ففيه وجهان:
أحدهما: لا يضمن؛ لأن الشافعي قال: (إن لم يعلم بها أحدا.. ضمن) . فدل على: أنه إذا أعلم أمينا.. لم يضمن، ولأنه يجوز له إيداعها عند أمين في هذه الحالة، وهذا إيداع.
والثاني: يضمن؛ لأن هذا إعلام، وليس بإيداع؛ لأن الإيداع هو: أن يسلمها إليه، فتصير مقبوضة، وهذا لم يقبضه إياها.
قال الشيخ أبو حامد: وهذا ضعيف؛ لأنه إن كان ساكنا في الموضع، وأعلمه بالوديعة.. فقد أودعه إياها.
فرع: ترك الوديعة في بيت المال : قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " الأم ": (إذا سافر المودع، فترك الوديعة في بيت المال.. ضمن) . واختلف أصحابنا في تأويلها:
فمنهم من قال: أراد: إذا كان قادرا على المالك، أو وكيله؛ لأنه لا يجوز له إيداعها مع وجود أحدهما.
ومنهم من قال: أراد: إذا لم يقدر على المالك، ولا وكيله، ولم يودعها عند الإمام، ولكن وضعها في بيت المال، فيضمن؛ لأنه ما أودعها عند أحد.
وأيهما أراد الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -.. فهو صحيح في الفقه.
مسألة: مرض المودع كالسفر : وإن كانت عنده وديعة، فمرض مرضا خاف على نفسه منه.. فهو كما لو أراد السفر؛ لأنه لا يمكنه حفظ الوديعة بنفسه مع الموت، فيجب عليه ردها إلى المالك، أو وكيله إن وجدهما، فإن كانا غائبين.. فعليه أن يظهر الوديعة، وهو أن يشهد