إن قلنا: إنه عارية
... فله مطالبته؛ لأن للمعير أن يرجع في العارية المؤقتة قبل انقضائها.
وإن قلنا: إنه ضمان.. لم يكن له المطالبة بفكاكه قبل الأجل، كما لو ضمن عنه دينا إلى أجل.. فليس له مطالبة المضمون عنه بتخليصه قبل الأجل.
إذا ثبت هذا: فإن قضى الراهن الدين من ماله انفك الرهن، ووجب عليه رده إلى مالكه، وإن لم يقض الدين وحل الأجل ولم يكن معه ما يقضي به الدين.. بيع العبد في الدين، وبماذا يرجع السيد على المستعير؟ ينظر فيه:
فإن بيع العبد بقيمته.. رجع عليه السيد بقدر قيمته، أو بالدين؛ لأنا إن قلنا: إنه عارية.. فالعارية تضمن بقيمتها، وإن قلنا: إنه ضمان.. فالضامن يرجع بالدين الذي غرمه.
وإن بيع بأقل من قيمته مما يتغابن الناس بمثله، فإن قلنا: إنه عارية.. رجع عليه بكمال قيمته؛ لأن العارية مضمونة بقيمتها، وإن قلنا: إنه ضمان.. رجع السيد بالثمن الذي بيع به العبد؛ لأنه هو القدر الذي غرمه.
فإن بيع بأكثر من قيمته، فإن قلنا: إنه ضمان.. رجع السيد بالثمن الذي بيع به، وإن قلنا: إنه عارية.. ففيه وجهان:
أحدهما : قال عامة أصحابنا: يرجع عليه بقيمته لا غير؛ لأن العارية مضمونة بقيمتها.
و الثاني : قال القاضي أبو الطيب: يرجع عليه بجميع ما بيع به وحكى ذلك ابن الصباغ عن الشيخ أبي حامد، وهو اختيار ابن الصباغ؛ لأن ثمن العبد ملك لصاحبه، ولهذا لو أسقط المرتهن حقه من الرهن.. كان جميع الثمن للسيد. وإن أراد المالك بيع العبد.. قال الطبري: فإن قلنا: إنه عارية.. فله ذلك، وإن قلنا: إنه ضمان.. فليس له ذلك.