وإن أقام كل واحد منهما بينة بما ذكره.. ففيه وجهان، حكاهما ابن الصباغ:
أحدهما - وهو قول الشيخ أبي حامد الإسفراييني -: أن بينة المشتري تقدم، كما تقدم بينة الداخل على بينة الخارج.
والثاني - وهو قول القاضي أبي حامد، واختيار ابن الصباغ -: أنهما يتعارضان؛ لأن بينة الداخل إنما تقدم إذا تنازعا اليد، وهاهنا تنازعا فيما وقع عليه العقد، ولا مزية لإحداهما على الأخرى، فتعارضتا.
قال: فعلى هذا: تسقطان ويصيران كما لو لم يكن مع واحد منهما بينة.
قال: ومن أصحابنا من قال: يقرع بينهما، وهل يحلف من خرجت له القرعة؟ فيه قولان، يأتي ذكرهما في موضعهما.
وإن لم يكن مع أحدهما بينة.. فالقول قول المشتري مع يمينه؛ لأن هذا اختلاف في قوله، وهو أعلم به، ولأن الملك قد ثبت له، والشفيع يريد انتزاعه منه، فلم ينتزع منه إلا بما يقر به.
فرع: اختلفا في قيمة الشقص فيحلففإن قال المشتري: اشتريت الشقص بألف، فقال الشفيع: لا أعلم هل اشتريته بألف، أو أقل.. فهل للشفيع أن يحلف المشتري؟ فيه وجهان:
أحدهما: ليس له أن يحلفه حتى يصرح: أنه أقل من ألف؛ لأن اليمين لا تجب بالشك.
والثاني: له أن يحلفه؛ لأن المشتري لا يملك ما ادعاه بمجرد الدعوى.
فإن قال المشتري: اشتريته بألف، فقال الشفيع: لم تشتره بألف، وإنما اشتريته بدون الألف.. فالقول قول المشتري مع يمينه؛ لأنه أعلم بالعقد، فإن نكل عن اليمين، وردت اليمين على الشفيع.. لم يحلف حتى يتبين قدر الثمن.