وإن قلنا: تثبت الشفعة.. نظر في البائع: فإن رضي بتسليم الشقص إلى الشفيع، وأخذ الثمن منه.. جاز، وكانت العهدة للشفيع في الشقص على البائع؛ لأنه منه أخذه، وإليه دفع الثمن.
وإن اختار البائع أن يطالب المشتري بقبض المبيع، وتسليم الثمن.. فهل له ذلك؟ فيه وجهان:
أحدهما: ليس له ذلك؛ لأنه يحصل له الثمن من الشفيع، فلا معنى لمخاصمته للمشتري.
فعلى هذا: يسلم الشقص إلى الشفيع، ويؤخذ منه الثمن، وتكون العهدة للشفيع على البائع.
فإن قيل: أليس لو ادعى على رجل دينا، فقال له رجل: أنا أدفع إليك الدين الذي تدعيه عليه، ولا تخاصمه، لم يلزمه قبوله؟ فلما الفرق على هذا؟
قال ابن الصباغ: فالفرق بينهما: أن عليه منة في قبول الدين من غير من هو عليه، بخلاف هذا.
والوجه الثاني: أن للبائع مخاصمة المشتري؛ لأنه قد يكون المشتري أسهل في المعاملة عند الرجوع بالعهدة.
فعلى هذا: لو حلف المشتري.. سقطت دعوى البائع عنه، ودفع الشقص إلى الشفيع، وأخذ منه الثمن، وكانت العهدة عليه للشفيع. وإن نكل المشتري عن اليمين.. حلف البائع: لقد باعه إياه، وثبت الشراء والشفعة، ولزم المشتري تسليم الثمن إلى البائع، وكانت العهدة للمشتري على البائع، والعهدة للشفيع على المشتري.
فإن كانت بحالها، فادعى البائع: أنه باع منه نصيبه، وقبض منه الثمن، وأنكر المشتري ذلك، وصدق الشفيع البائع.. فهل تثبت الشفعة هاهنا؟