والثاني - وهو الصحيح -: لا تصح؛ لأنها منفعة لا تضمن بالغصب، فلم يصح الاستئجار عليها كوطء الأمة، وما ذكره الأول.. يبطل بالطعام، فإن الطعام يتجمل به الحناط بتركه في دكانه ليعامله الناس، ومع هذا فلا يصح إجارته لذلك. وهل يصح استئجار الطعام ليعاير به الكيال والمكاييل؟ فيه وجهان، حكاهما الصيمري.
فرع: استئجار البستان للثمرةوإن استأجر بستانًا لأخذ ثمرته، أو استأجر موضعًا ليرعى فيه.. لم يصح؛ لأن الثمرة والمراعي أعيان، فلا تستباح بعقد الإجارة.
وإن استأجر بستانًا لينظر إليه.. لم يصح؛ لأنه يملك النظر إليه من غير إذن صاحبه، فبذل المال في ذلك سفه، فلم يصح.
وإن استأجر أشجارًا ليجفف عليها الثياب، أو ليشد عليها حبلًا يجفف عليه الثياب.. ففيه وجهان:
أحدهما: لا يصح؛ لأنها منفعة غير مقصودة.
والثاني: يصح؛ لأنها منفعة مباحة، فهي كسائر المنافع.
قال الشيخ أبو إسحاق: وكذلك الوجهان فيمن استأجر شجرًا للاستظلال به، ولعله أراد: إذا كان قعود المستظل في ملك صاحب الشجر، فأما إذا كان قعوده في ملكه، أو في موضع مباح، بأن يكون الشجر يجاوره بملكه، أو بموضع مباح، وظلها فيه.. فلا يصح استئجاره لذلك، وجهًا واحدًا؛ لأنه يملك القعود في ظلها من غير إذن صاحب الشجرة، وبذل المال فيه من أكل المال بالباطل.
ولو قيل: إذا كان قعود المستظل في ملك صاحب الشجرة.. صحت الإجارة، وجهًا واحدًا، كما لو استأجر منه بيتًا ليستظل فيه.. لم يكن بعيدًا.
وإن استأجر حبلًا ليجفف عليه الثياب.. قال ابن الصباغ: صح ذلك، وجهًا واحدًا؛ لأن ذلك منفعة مقصودة منه.