من أصحابنا من قال: فيه قولان:
أحدهما: لا يرد شيئًا؛ لأنه قد جبر ما تركه بالدم، فصار كما لو لم يترك شيئًا.
والثاني: يرد؛ لأنه فعل بعض ما استؤجر عليه، فصار كما لو استأجره ليبني له عشرة أذرع.. فبنى له تسعة.
ومنهم من قال: يرد، قولًا واحدًا؛ لما ذكرناه.
وأما الدم: فإنه وجب على الأجير لحق الله تعالى دون حق المستأجر.
وإن مات الأجير بعد الإحرام وقبل أن يأتي بالوقوف في الحج، أو بالطواف والسعي.. فهل يستحق هاهنا شيئًا من الأجرة؟
إن قلنا بقول الصيرفي وأبي سعيد الإصطخري: إنه يستحق شيئًا من الأجرة إذا مات بعد قطع المسافة وقبل الإحرام.. فهاهنا أولى أن يستحق.
وإن قلنا بالمنصوص: (إنه لا يستحق هناك شيئًا) .. فهل يستحق الأجير هاهنا من الأجرة؟ فيه قولان:
أحدهما: لا يستحق شيئًا من الأجرة؛ لأن ما أتى به لا يسقط به عن المستأجر الفرض، فلم يستحق له أجرة، كما لو استأجر رجل رجلًا ليرد عليه عبده الآبق، فرده إلى بعض الطريق، ثم هرب منه.
والثاني: يستحق شيئًا من الأجرة؛ لأنه قد عمل بعض ما استؤجر عليه، فصار كما لو استأجره ليبني له عشرة أذرع.. فبنى له تسعة.
فإذا قلنا بهذا: فكم يستحق من الأجرة؟ اختلف أصحابنا فيه على طريقين:
فـالأول : ذهب أكثرهم إلى: أنها على قولين:
أحدهما: يقسط على قطع المسافة والعمل، وإن كان لو انفرد قطع المسافة.. لم يستحق له شيئًا؛ لأنه هاهنا تابع للعمل. ويجوز أن يتناول العقد شيئًا على وجه التبع وإن لم يفرد، كأساس الحيطان، وطي الآبار، يصح بيعه تبعًا لغيره، ولا يصح بيعه وحده.