إذا ثبت هذا: فإذا قلنا: إنه ينصب أمينًا يدفع المال إليه ليعطيه النفقة.. قدر له الحاكم ما يعطيه كل يوم.
وإن قلنا: يأمره بالإنفاق.. فإنه ينفق ما يحتاج إليه في العرف. فإذا بلغ اللقيط واختلفا في قدر النفقة، فإن كان ما يدعيه الملتقط النفقة بالمعروف.. فالقول قوله مع يمينه؛ لأنه أمين. وإن أدعى أكثر من النفقة بالمعروف.. لم يقبل قوله في الزيادة، ولزمه ضمان الزيادة. فإن لم يكن في البلد حاكم، فأنفق الملتقط من غير إشهاد
... ضمن. وإن أشهد، فهل يضمن؟ فيه قولان، وقيل: هما وجهان:
أحدهما: يضمن؛ لأنه أنفق بغير إذن الحاكم، فضمن كما لو كان في البلد حاكم.
والثاني: أنه لا يضمن؛ لأنه موضع ضرورة، والإنفاق لا بد منه، إذ لو ترك من غير إنفاق.. مات.
وإن لم يكن للقيط مال.. أنفق عليه من بيت المال، لما روي (أن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - استشار الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - في نفقة اللقيط.. فقالوا: ينفق عليه من بيت المال) ، ولأنه لو كان بالغًا معسرًا، كانت نفقته في بيت المال، فاللقيط بذلك أحق. وإن لم يكن في بيت المال شيء، أو كان فيه شيء ولكن احتيج إليه لما هو أهم من ذلك.. فإنه يجب على المسلمين الإنفاق عليه، كما لو أضطر بالغ إلى الطعام، فإنه يجب على المسلمين بذل ما يحتاج إليه من الطعام، وهل يجب ذلك عليهم على وجه الإنفاق، أو على وجه القرض؟ فيه قولان:
أحدهما: يجب عليهم ذلك على وجه الإنفاق بلا عوض؛ لأنه ضائع لا حيلة له، فوجب الإنفاق عليه بغير عوض، كالمجنون الذي لا يعقل ولا شيء له، فإنه يجب على المسلمين الإنفاق عليه، وكذلك يجب عليهم كفن ميت لا مال له.
والثاني: يجب عليهم ذلك، ويكون قرضًا لهم عليه، وهو المنصوص؛ لأنه نفقة لإحيائه، فلم يجب إلا بعوض، كالمضطر إلى الطعام. فإذا قلنا: يجب عليهم بغير عوض.. فإن ذلك يجب على من علم به. فإذا قام به بعضهم.. سقط الفرض عن