أحدهما- وهو المشهور -: أنه يعرض مع الثاني وحده، فإن لم تلحقه بالثاني، أو نفته عنه.. لحق بالأول بدعوته الأولى. وإن ألحقته بالثاني.. عرض أيضًا مع الأول، فإن لم تلحقه بالأول، أو نفته عنه.. لحق بالثاني وانتزع من يد الأول. وإن ألحقته بالأول.. لم يثبت نسبه من أحدهما، وترك حتى يبلغ، وينتسب إلى أحدهما.
وحكى ابن سريج عن بعض أصحابنا: أنه يلحق بهما. وليس بشيء.
والوجه الثاني: أن الولد يعرض مع الأول والثاني معًا؛ لأن كل واحد منهما يجوز أن يكون أبًا، والأول أصح؛ لأنه قد ثبت نسبه من الأول بدعوته السابقة.
وأما إذا جاءا معًا وادعيا نسبه: فإنه يعرض معهما على القافة؛ لأنه لا مزية لأحدهما على الآخر، فإن أحقته بأحدهما.. لحق به، وانتفى عن الآخر. وإن ألحقته بهما.. لم يلحق بهما، وترك حتى يبلغ وينتسب إلى أحدهما.
وقال بعض أصحابنا: يلحق بهما، وهو قول أحمد، وليس بشيء؛ لما ذكرناه من حديث عمر؛ لأنه لا يجوز أن يكون ابنهما. وهكذا إن نفته القافة عنهما، أو لم يكن هناك قافة، أو كانت وأشكل عليها الأمر.. فإنه يترك حتى يبلغ، أو يقال له: انتسب إلى من يميل إليه طبعك، لحديث عمر، ولأن الولد يميل طبعه إلى من هو منه.
فإن انتسب إلى أحدهما، ثم قال بعد ذلك: أخطأت، وإنما أنا ابن الآخر.. لم يقبل قوله. وهكذا لو ألحقته القافة بأحدهما، ثم قالت: أخطأت، وإنما هو ابن الآخر.. لم يقبل قولها؛ لأنه قد ثبت نسبه من الأول بقولها، فلا يسقط بقولها، كما لو ادعى رجلان عينًا، فشهد لأحدهما بها شاهدان، وحكم بشهادتهما، ثم قالا: أخطأنا، وإنما هي ملك الآخر.. فإنه لا يحكم بها للثاني.
وهل يصح أن ينتسب إلى أحدهما إذا صار مميزا قبل أن يبلغ؟ فيه قولان:
أحدهما: يصح، كما يصح أن يختار الولد الكون مع أحد الأبوين إذا صار مميزًا، وإن لم يبلغ.