فإذا قلنا بقوله الجديد، وأن الهبة لا تقتضي الثواب.. نظرت:
فإن وهب لمن هو أعلى منه من غير شرط الثواب، فوهب الموهوب له للواهب هبة.. كان ذلك ابتداء عطية تلزم بالقبض. وإن خرج أحدهما معيبا أو مستحقا.. لم يرجع صاحبها بهبته.
وإن وهبه بشرط الثواب: فإن كان ثوابا مجهولا.. بطلت الهبة؛ لأنه شرط ينافي مقتضى الهبة، ولأنه شرط ثوابا مجهولا، فلم يصح، كالبيع بثمن مجهول، فإن قبضها الموهوب له.. كان حكمه حكم البيع الفاسد.
وإن شرط ثوابا معلوما.. فهل تصح الهبة؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا تصح الهبة؛ لأنه شرط ينافي مقتضاها، فلم تصح، كما لو عقد النكاح بلفظ الهبة.
فعلى هذا: إذا قبضه كان حكمه حكم البيع الفاسد.
والثاني: تصح الهبة، ويلزم الموهوب الثواب المشروط؛ لأن الهبة تمليك العين، وقد ثبت أنه لو قال: ملكتك هذه العين، ولم يذكر العوض.. كان هبة. ولو قال: ملكتكها بدينار.. صح وكان بيعا، فكذلك الهبة بالعوض.
فإذا قلنا بهذا: فحكمه حكم البيع الصحيح في خيار المجلس، والثلاث، والرد بالعيب والشفعة. هذا نقل أصحابنا البغداديين.
وقال الخراسانيون: هل حكمه على هذا القول حكم البيع أو حكم الهبة؟ فيه قولان:
أحدهما: حكمه حكم البيع اعتبارا بالمعنى؛ لوجود العوض فيه.
والثاني: حكمه حكم الهبة اعتبارا باللفظ.