وأما إذا أوصى له بحمل هذه الجارية.. فإنه يعتبر أن يكون الحمل موجودا وقت الوصية، كما قلنا في الوصية للحمل على ما مضى.
فرع الوصية بالمنافعوتصح الوصية بالمنافع التي تستباح بالإجارة والإباحة، كسكنى الدار وخدمة العبد وثمرة البستان وما أشبهه. وهو قول كافة العلماء.
وقال ابن أبي ليلى: لا يصح.
دليلنا: أن هذه المنافع تصح المعاوضة عليها؛ لأن منافع العبيد والدور تملك بالإجارة، وثمرة الشجرة تملك بالمساقاة عليها. وما ملك بالمعاوضة عليه.. صحت الوصية به، كالأعيان.
وتصح الوصية بالمنفعة لرجل، وبالعين لآخر؛ لأن المنفعة والعين كالعينين، فجاز العقد على كل واحد منهما.
إذا ثبت هذا: فتصح الوصية بمنفعة مقدرة، وبمنفعة مؤبدة؛ لأن الوصية تصح بالمعلوم والمجهول.
فرع وصى له بشيء من ريع ثم وقف الموردوإن وصى رجل لرجل بدينار من غلة داره في كل سنة، وخرجت الدار من الثلث ووقفت الدار.. فلا يجوز للورثة بيعها؛ لأن ذلك يسقط حق الموصى له من غلتها، فلم يجز بيعها، كالمرهون، فيدفع إلى الموصى له من غلتها كل سنة دينار. فإن بقي من غلتها شيء بعد الدينار.. دفع ذلك إلى الورثة. وإن لم يبق لهم شيء.. فلا شيء لهم. وإن لم تف غلة الدار كل سنة بدينار. فلا شيء للموصى له غير ما جاء من غلتها.
وإن كانت الدار تغل كل سنة دنانير كثيرة، فقال الورثة: نحن نبيع منها قدر ما تزيد غلته على الدينار ونبقي منه ما يغل دينارا.. لم يكن لهم ذلك؛ لأنه ربما نقص كراء الباقي عن الدينار.