وقال أكثر أصحابنا: يعتقان معا؛ لأنه جعل حال عتق سالم صفة لعتق غانم وتأخر حرف من لفظ عتق سالم يعلم بوجود الشرط، فوقع المشروط.
فإذا قلنا بهذا: ولم يحتملهما الثلث.. ففيه وجهان:
(أحدهما) : قال أبو العباس ابن سريج، والشيخ أبو حامد، وأكثر أصحابنا: يعتق سالم ولا يعتق غانم؛ لأن عتقهما وقع في حالة واحدة، ولا يمكن الإقراع بينهما؛ لأنا لو أقرعنا بينهما.. لم يؤمن أن تخرج قرعة العتق على غانم فيرق سالم. وإذا رق سالم.. لم يعتق غانم، فيؤدي إثبات عتق غانم إلى نفيه. وما أدى إثباته إلى نفيه.. سقط إثباته.
(والثاني) : قال الشيخ أبو إسحاق: لا يعتق واحد منهما؛ لأن الإقراع بينهما لا يمكن؛ لما ذكرناه، ولا يمكن تقديم عتق سالم؛ لأن عتقهما وقع في حالة واحدة، ولا مزية لأحدهما على الآخر، فسقط عتقهما.
قال الشيخ أبو حامد: وإن قال لغانم: إذا أعتقت سالما.. فأنت حر قبله، ثم أعتق سالما في مرض موته، فإن خرجا من الثلث.. عتقا، وتبينا أن عتق غانم قبل سالم. وإن لم يحتملهما الثلث.. عتق سالم دون غانم؛ لما ذكرناه.
قلت: وعلى قول الشيخ أبي إسحاق في التي قبلها: لا يعتق هاهنا واحد منهما؛ لأن عتق سالم شرط لعتق غانم، فإذا لم يعتق عبده في الأولى - وعتقه وعتق غانم يقع في حالة واحدة - فلأن لا يعتق عبده هاهنا - وعتق غانم قبله - أولى. وكذلك على قول القاضي أبي الطيب في التي قبلها: لا يعتق غانم وإن احتملهما الثلث؛ لأن المشروط لا يتقدم على الشرط. والأول هو المشهور.
فإن كان له ثلاثة أعبد - سالم وغانم وفائق - فقال في مرض موته: إذا أعتقت سالما.. فغانم وفائق حران، ثم أعتق سالما، فإن احتمل الثلث عتق جميعهم.. عتقوا. وإن احتمل الثلث عتق أحدهم لا غير.. عتق سالم؛ لأنه عتقه سابق. وإن احتمل الثلث عتق سالم وعتق أحد الآخرين.. عتق سالم، وأقرع بين غانم وفائق؛ لأن عتقهما وقع في حالة واحدة.