وقال أحمد: (الأول نفاسٌ. والثاني مشكوكٌ فيه، فتصوم وتصلي، ولا يأتيها زوجها، وتقضي الصوم والصلاة؛ لأنه يحتمل أنه نفاسٌ، ويحتمل أنه دم فسادٍ) وهذا ليس بصحيح؛ لأنه دم في زمان الإمكان، فكان نفاسًا. وإن رأت ساعة دمًا، ثمَ طهرت خمسة عشر يومًا، ثم رأت ساعةً دمًا:
فإن قلنا في الأولى: إنهما نفاسٌ.. فها هنا مثله.
وإن قلنا في الأولى: إن الثاني حيضٌ.. فخرج أبو العباس في هذه وجهين:
أحدهما: أنه نفاسٌ ـ وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف ـ لأنه ينقص عن أقل الحيض.
والثاني: أنه دم فساد ـ وهو قول زفر، ومحمد ـ لأنه لا يمكن أن يكون حيضًا؛ لأنه دون أقله، ولا يمكن أن يكون نفاسًا؛ لأن بينهما طهرًا صحيحًا.
قال أبو العباس: فإذا قال لامرأته الحامل: إذا ولدت فأنت طالقٌ. فولدت.. طلقت. فإذا أخبرت بانقضاء العدة.. فكم القدر الذي يقبل قولها فيه؟
إن قلنا: إن الدم إذا عاودها بعد الطهر يكون حيضًا.. فأقل مدة تنقضي عدتها فيها سبعة وأربعون يومًا وجزءان؛ لأنه يمكن أن تضع قبل المغرب بجزء ترى فيه الدم، فيكون نفاسًا، ثم تطهر خمسة عشر يومًا، ثم تحيض يومًا وليلةً، ثم تطهر خمسة عشر يومًا، ثم تحيض يومًا وليلةً، ثم تطهر خمسةَ عشرَ يومًا، ثم تطعن في الحيض، فتنقضي عدَتها.
والذي يقتضي المذهب عندي: أنه يقبل قولها ـ على هذا ـ في سبعة وأربعين يومًا وجزء؛ لأنها قد تلد ولا ترى دمًا، فتكون في القُرءِ الأول عقيب الولادة.
وإن قلنا: إن الدم إذا عاودها في مدة الستين كان نفاسًا.. فأقل مدة تنقضي بها عدتها اثنان وتسعون يومًا وجزءٌ؛ لأن الستين لا يمكن أن يحصل فيها إلا طهرٌ واحدٌ ثم تحيض بعد الستين يومًا وليلةً، ثم تطهر خمسةَ عشرَ يومًا، ثم تحيضُ يومًا وليلةً، ثم تطهر خمسةَ عشرَ يومًا، ثم تطعنُ في الحيض، فتنقضي به عدتها.