وقال أبو حنيفة ومحمد: (إن اجتمعا على التصرف.. صح. وإن انفرد أحدهما في التصرف.. لم يصح إلا في ستة أشياء: الأول : في شراء كفن الموصي، و الثاني : تفرقة ثلثه، و الثالث : قضاء ديونه، و الرابع : رد الودائع، و الخامس : الغصوب، و السادس : إطعام اليتيم وكسوته.. فأما ما عدا ذلك من شراء العقار لليتيم وسائر العقود.. فلا يصح) .
دليلنا: أنه مشترك بينهما، فلم يكن لأحدهما أن ينفرد به، كما لو وكل وكيلين في شراء شيء أو بيعه، ولأن الجهة التي ملك بها الوصي النظر في الستة الأشياء هي الجهة التي ملك بها النظر في غيرها، فإذا لم يملك النظر فيما عدا الستة الأشياء.. لم يملك النظر في الأشياء الستة.
إذا ثبت هذا: فإن اجتمع الوصيان معا على التصرف.. جاز. وإن تشاحا، فقال كل واحد منهما: أنا أنظر أو أفعل، أو قال: لا أفعل أنا.. قال الشيخ أبو حامد: وقف الأمر ليتفقا ما لم يطل تشاحهما فإن طال.. أقام الحاكم عدلين لينظرا؛ لأن هذا موضع ضرورة.
قال المسعودي في " الإبانة " ق\ 440 : فإذا استناب أحدهما آخر عن نفسه ليتصرف مع الآخر.. جاز؛ لأن رأي الاثنين حاصل.
فإن مات أحدهما، أو فسق، أو جن.. لم يكن للآخر أن ينفرد بالتصرف؛ لأن الموصي لم يرض بنظره وحده، بل يرفع الأمر إلى الحاكم ليقيم آخر مع الباقي منهما.
فإن أراد الحاكم أن يفوض النظر إلى الباقي منهما، أو ماتا، أو فسقا فأراد الحاكم تفويض النظر إلى عدل واحد.. ففيه وجهان:
أحدهما: يجوز؛ لأن النظر قد صار إلى الحاكم، فجاز أن يكون الباقي أميناً من قبل الحاكم ووصياً من الموصي.
والثاني: لا يصح؛ لأن الموصي لم يرض إلا بنظر اثنين.