فأيهما سبق بالعتق.. عتق ورق الثاني، ولا قرعة. وإن كانا في وقت واحد ولم يعلم.. أقرع بينهما؛ لأنه لا مزية لأحدهما على الآخر) .
قال في " الأم ": (وإن شهد شاهدان أنه نجز عتق هذا العبد وهو الثلث، وشهد آخران أنه أعتق هذا العبد في الوصية وهو الثلث.. عتق المنجز ورق المعتق في الوصية؛ لأن المنجز سابق، فقدم) .
قال في " الأم ": (وإن شهد شاهدان أنه أعتق هذا العبد في الوصية أو التدبير وشهد آخران أنه أعتق عبدا آخر في الوصية أو التدبير، وكل واحد منهما قدر الثلث.. أعتق واحد منهما بالقرعة) .
إذا ثبت هذا: فإن المزني روى في " المختصر ": لو شهد أجنبيان أنه أعتق عبده وصية وهو الثلث، وشهد وارثان أنه أعتق عبداً غيره وصية وهو الثلث.. عتق من كل واحد منهما نصفه. واختلف أصحابنا في ذلك:
فقال القاضي أبو الطيب: أخطأ المزني في النقل، وقد ذكر الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - في المسألة قبلها أنه يقرع بينهما.
وقال بعض أصحابنا: المسألة مفروضة في الوصية بالعتق دون العتق المنجز؛ لأنه قال: (أعتق عبده وصية) وقوله: (عتق من كل واحد منهما نصفه) أراد: أن القياس كان يقتضي ذلك؛ لأنه لا مزية لأحدهما على الآخر إلا أن السنة وردت بالقرعة، وإنما قصد أن يبين له أنه لا مزية لشهادة الورثة على غيرهم.
ومنهم من قال: بل صورتها أن الشهادتين وقعتا في العتق المنجز؛ لأنه قال: (فإن شهدا أنه أعتق عبده) وقوله: (وصية) أراد: في مرض الموت؛ لأنه حالة الوصية. والحكم في ذلك أنه يعتق من كل واحد منهما نصفه، ولا يمكن الإقراع بينهما لأنه ربما يكون قد تقدم عتق أحدهما، فخرج عليه سهم الرق، فيكون قد أرق الحر.
وقال ابن القاص: بل تأويل ذلك أنه إذا كان في لفظ الموصي ما يدل على تفريق العتق فيهما.. فيجعل بينهما.