إذا ثبت هذا: فإن أدى المكاتب مال الكتابة إلى سيده المرتد، فإن كان قبل أن يقف الحاكم ماله ويحجر عليه.. ففي صحة الأداء ثلاثة أقوال بناء على الكتابة:
فإن قلنا: إن الكتابة صحيحة.. صح الأداء وعتق العبد.
وإن قلنا: إن الكتابة باطلة.. لم يصح الأداء ولم يعتق العبد؛ لأن عدم الصحة لعدم الملك، وذلك مانع من صحة العتق، فهو كما لو كاتب الصبي عبده.
وإن قلنا: إنها موقوفة.. وقف الأداء. فإن عاد إلى الإسلام صح الأداء وعتق العبد. وإن مات أو قتل على الردة.. لم يصح الأداء ولم يعتق العبد.
وإنٍ كان الأداء بعد أن وقف الحاكم ماله وحجر عليه، فإن قلنا: إن الكتابة صحيحة.. فالأداء غير صحيح لأجل الحجر، فإن كان المال باقيا في يد السيد
... استرجعه منه ورفعه إلى الحاكم وعتق. وإن كان تالفًا.. لم يرجع المكاتب على سيده بشيء؛ لأنه فرط بالدفع إليه، وطالب الحاكم المكاتب بمال الكتابة، فإن أداه.. عتق. وإن عجز.. عاد رقيقًا. فإن أسلم السيد قبل أن يعتق العبد.. احتسب للعبد بما كان دفعه إليه في حال الردة.
فإن قيل: أليس لو دفع إلى المحجور عليه لسفه مالًا فأتلفه، لم يضمن، وإذا زال الحجر، لم يحتسب عليه به؟
قلنا: الفرق بينهما: أن السفيه حجر عليه لحفظ ماله، فلو احتسب عليه بما قبضه في حال الحجر.. سقطت فائدة الحجر، والمرتد حجر عليه لحق المسلمين في ماله، فإذا عاد إلى الإسلام.. سقط حقهم من ماله.
وإن قلنا: إن الكتابة فاسدة.. لم يعتق العبد بالأداء.
وإن قلنا: إن الكتابة موقوفة.. فإن الأداء لا يصح، كما إذا قلنا: إنها صحيحة.
ويسترجعه الحاكم إن كان صحيحًا باقيًا.