والثاني: لا يجوز له ذلك بنفسه حتى يرفع الأمر إلى الحاكم؛ لينظر الحاكم هل له مال أم لا؛ لأن العبد إذا كان في دار الإسلام وعجز.. فقد عرف العجز من جهته. فكان للسيد أن يفسخ.
وإذا كان في دار الشرك.. لم يعلم العجز من جهته، وإنما يعلم من طريق الظاهر وقد يجوز أن يكون له مال في الباطن، فلم يجز له الفسخ قبل البحث عنه.
فإن قلنا: يجوز له الفسخ بنفسه، ففسخ، أو قلنا: لا يجوز له إلا عند الحاكم، فبحث الحاكم عن ماله فلم يجد له مالا، فأذن له ففسخ، ثم تخلص العبد وأظهر له مالا.. حكم ببطلان الفسخ؛ لأنا إنما جوزنا له الفسخ ظنا منا أنه لا مال له، فإذا بان أن له مالا.. لم يصح الفسخ.
فرع جنون المكاتب) : وإن كاتب عبدا ثم جن العبد.. لم تنفسخ الكتابة بجنونه؛ لأنها لازمة من أحد الطرفين، فلم تنفسخ بالجنون كالرهن، وإنما ينفسخ بالجنون ما كان جائزا من أحد الطرفين، كالوكالة والشركة وما أشبههما، ولأنه عتق معلق بصفة، فلم يبطل بالجنون، كما لو قال: إن دخلت الدار فأنت حر.
إذا ثبت هذا: فإن حل عليه النجم قبل الإفاقة.. كان للسيد أن يثبت عند الحاكم الكتابة بالبينة، ويحلف مع بينته أنه لم يقبض مال الكتابة، فإذا أقام البينة وحلف معها، بحث الحاكم عن مال المكاتب، فإن وجد له مالا.. سلمه إلى المولى وعتق عليه.
وإن سلم المجنون المال إلى السيد.. عتق؛ لأنه قبض ما يستحقه. فبرئت به ذمته.
وإن لم يجد الحاكم للمكاتب مالا.. مكن المولى من فسخ الكتابة، فإذا فسخ الكتابة.. عاد رقيقا له ولزمه الإنفاق عليه؛ لأنه عاد قنا له.
فإن بان للمكاتب بعد ذلك مال يفي بمال الكتابة.. بطل فسخ السيد؛ لأنه بان أن