ولأن الميراث إنما نقل إلى الورثة لاستغناء الميت عنه، وهذا غير مستغن عن كفنه ومؤنة تجهيزه، فقدم على الإرث.
ثم يقضى دينه إن كان عليه دين، ثم تخرج وصاياه، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} النساء: 11 النساء: 11 . وأجمعت الأمة: على أن الدين مقدم على الوصية.
وهل انتقل ماله إلى ورثته قبل قضاء الدين؟ اختلف أصحابنا فيه.
فذهب أكثرهم إلى: أنه ينتقل إليهم قبل قضاء الدين.
وقال أبو سعيد الإصطخري: لا ينتقل إليهم حتى يقضى الدين. هكذا ذكر الشيخان - أبو حامد وأبو إسحاق - عن أبي سعيد من غير تفصيل.
وأما ابن الصباغ: فحكي عنه: أنه إن كان الدين لا يحيط بالتركة.. فإن عند أبي سعيد الإصطخري: لا يمنع الدين من انتقال المال إلى الورثة إلا بقدره، واحتج بأنه لو بيع شيء من مال الميت بعد موته.. لكانت العهدة على الميت دون الورثة، فدل على بقاء ملكه.
فعلى هذا: إذا حدث من المال فوائد قبل قضاء الدين.. كان ذلك ملكا للميت، فيقضى منه دينه وينفذ منه وصاياه.
وقال أبو حنيفة: (إن كان الدين يحيط بالتركة.. منع انتقال الملك إلى الورثة، وإن كان الدين لا يحيط بالتركة.. لم يمنع انتقال الملك إلى الورثة) .
والمذهب: أن الدين لا يمنع انتقال الملك إلى الورثة بحال، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} النساء: 12 الآية: النساء: 12 ، ولم يفرق.
ولأنه لا خلاف: في أن رجلاً لو مات وخلف ابنين وعليه دين، فمات أحدهما قبل قضاء الدين وخلف ابنا، ثم أبرأ من له الدين الميت عن الدين.. فإن تركة من كان عليه الدين تقسم بين الابن وبين ابن الابن، فلو كان الدين يمنع انتقال الملك إلى الورثة.. لكانت التركة للابن وحده.