وأما (حجب النقصان) فمثل: حجب الولد للزوج من النصف إلى الربع، وحجب الولد للزوجة من الربع إلى الثمن، ومثل: حجب الأم من الثلث إلى السدس.
إذا ثبت هذا: فإن جميع من ذكرنا ممن لا يرث من ذوي الأرحام، والكفار، والمملوكين، والقاتلين، ومن عمي موته.. فإنه لا يحجب غيره.
وبه قال كافة الصحابة والفقهاء، إلا ابن مسعود، فإنه قال: (يحجبون حجب النقصان) ووافق: أنهم لا يحجبون حجب الإسقاط.
ودليلنا: أن كل من لا يحجب حجب الإسقاط.. لا يحجب حجب النقصان، كابن البنت. ولأنه ليس بوارث فلم يحجب غيره، كالأجنبي.
فإن قيل: الأخوان لا يرثان مع الأب ويحجبان الأم؟
فالجواب: أنهما وارثان، وإنما أسقطهما من هو أقرب منهما، وهؤلاء ليسوا بورثة في الجملة.
فرع: أبناء الإخوة لا يحجبون الأم ولا يرثون مع الجد : قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: (وبنو الإخوة لا يحجبون الأم عن الثلث، ولا يرثون مع الجد) وهذا صحيح، فبنو الإخوة لا يحجبون الأم من الثلث إلى السدس، سواء كانوا بني إخوة لأب وأم، أو لأب، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} النساء: 11 النساء: 11 وبنو الإخوة ليسوا بإخوة حقيقة ولا مجازاً.
فإن قيل: أليس لما حجبها الأولاد حجبها أولاد الأولاد.. فهلا قلتم لما حجبها الإخوة حجبها أولادهم؟
قلنا: الفرق بينهما: أن حجب الأولاد أقوى من حجب الإخوة، بدليل: أن الواحد من الأولاد يحجب الأم، فمن حيث قوي حجبه.. تعدى ذلك إلى لده، وحجب الإخوة أضعف، لأنه لا يحجبها إلا اثنان منهم عندنا، وعند ابن عباس لا يحجبها إلا ثلاثة، فمن حيث ضعف حجبهم.. لم يتعد حجبهم إلى أولادهم.
ولأن كل من حجبه الولد.. حجه ولد الابن، لأن الولد يحجب الإخوة فحجبهم