أن يحكم بأسبقهما بولاً، فقال أبو حنيفة: (أرأيت لو استويا في الخروج؟) فقال أبو يوسف: بأكثرهما، فقال أبو حنيفة: (يكال أو يوزن؟) فسكت أبو يوسف.
وإن لم يكن فيه دلالة من المبال.. فهل يعتبر بنبات اللحية ونهود الثديين وعدد الأضلاع؟ فيه وجهان:
أحدهما: يعتبر، فإن نبتت له لحية.. دل على أنه ذكر، وإن نهد ثدياه.. دل على أنه امرأة، فإن الله أجرى العادة بنبات اللحية للرجال، ونهود الثديين للنساء.
وإن استوت أضلاعه من الجانبين.. فهو امرأة، وإن نقص أحد جانبيه ضلعاً.. فهو رجل، لأن المرأة لها في كل جانب سبع عشرة ضلعاً، والرجل له في الجانب الأيمن سبع عشرة ضلعاً وفي الجانب الأيسر ست عشرة ضلعا؛ لأنه يقال: إن حواء خلقت من ضلع من جانب آدم الأيسر.. فلذلك نقص من الجانب الأيسر من الرجال.
و الثاني : منهم من قال: لا يعتبر بذلك، وهو قول أكثر أصحابنا، لأن اللحية قد تنبت لبعض النساء ولا تنبت لبعض الرجال، وقد يكون الثدي لبعض الرجال.
وروي: أن رجلاً كان له ثدي يرضع به في مجلس هارون الرشيد.
وأما اعتبار الأضلاع: فإنه يشق ولا يتوصل إلى ذلك، لأن فيها شيئاً يخفى، فلا يمكن اعتبارها.
إذا ثبت هذا، أو تعذر اعتباره من هذه الأشياء.. فإنه يرجع إلى قوله، وإلى ماذا يميل إليه طبعه. فإن قال: أميل إلى جماع النساء.. فهو رجل، وإن قال: أميل إلى جماع الرجال.. فهو امرأة.
وليس ذلك تخييراً له، وإنما هو سؤال له عن ميلان طبعه. فإن أخبر بأحدهما ثم رجع عنه.. لم يقبل رجوعه، لأنه إذا أخبر بأحدهما تعلقت به أحكام، وفي قبول قوله في الرجوع إسقاط لتلك الأحكام، فلم يجز.