وقال أبو حنيفة: (من شرطه الشهادة، إلا أنه ينعقد بشهادة رجلين فاسقين، وعدوين، ومحدودين، شاهد وامرأتين) .
دليلنا: ما روى عمران بن الحصين: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا نكاح إلا بولي وشاهدين» .
وروت عائشة: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كل نكاح لم يحضره أربعة.. فهو سفاح: خاطب، وولي، وشاهدان» . وروت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا نكاح إلا بولي مرشد، وشاهدي عدل» . وروى ابن عباس: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا نكاح إلا بولي مرشد، وشاهدي عدل» . ولأنه عقد، فلم يكن من شرط صحته ترك التواصي بالكتمان، كالبيع. ولأن كل ما لم يثبت بشهادة عبدين.. لم يثبت بشهادة فاسقين، كالإثبات عند الحاكم.
فرع عدالة الشهود ظاهرا وباطنا . قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (والشهود على العدالة، حتى يعلم الجرح يوم وقع النكاح) .
وجملة ذلك: أنه إذا عقد النكاح بحضرة شاهدين، فإن علمت عدالتهما ظاهرا وباطنا.. انعقد النكاح بشهادتهما، وإن عملت عدالتهما في الظاهر، وجهلت في الباطن.. ففيه وجهان، حكاهما في " المهذب ".
أحدهما : قال أبو سعيد الإصطخري: لا يصح، لأن ما افتقر ثبوته إلى الشهادة.. لم يثبت بمجهول الحال، كالإثبات عند الحاكم.
والثاني - وهو المذهب، ولم يحك الشيخ أبو حامد وابن الصباغ غيره-: أن النكاح صحيح، لأن الظاهر العدالة، ولأنا لو اعتبرنا العدالة الباطنة.. لم ينعقد النكاح إلا بحضرة الحاكم؛ لأن العامة لا يعرفون شروط العدالة، وقد أجمع المسلمون: على جواز انعقاده بغير حضور الحاكم.
فإذا قلنا بهذا: فبان أنهما فاسقان، فإن حدث هذا الفسق بعد العقد.. لم يؤثر،