ذلك، بل يجبر الزوج على تسليم الصداق إن كان موسرًا. وبه قال أبو يوسف ومحمد.
وقال أبو حنيفة: (لها أن تمتنع بعد ذلك حتى تقبض صداقها) .
دليلنا: أن التسليم الأول تسليم استقر به المسمى برضاها، فلم يكن لها الامتناع بعد ذلك، كما لو سلم البائع السلعة قبل قبض الثمن ثم أراد أخذها.
وإن أكرهها الزوج فوطئها.. فهل لها أن تمتنع بعد ذلك إلى أن تقبض المهر؟ فيه وجهان، حكاهما في " الإبانة ":
أحدهما: لها أن تمتنع؛ كما لو قبض المشتري العين المبيعة وأكره البائع على ذلك قبل قبض الثمن.
والثاني: ليس لها أن تمتنع؛ لأن المهر قد تقرر بذلك، والبائع إذا استرد المبيع.. ارتفع التقرير.
وإن كان الصداق مؤجلًا، فطلب الزوج تسليمها إليه قبل حلول الأجل.. لم يكن لها أن تمتنع. فإن امتنعت.. أجبرت؛ لأنها رضيت بتأخير حقها إلى الأجل، فلم يكن لها الامتناع من التسليم، كما لو باع سلعة بثمن مؤجل.. فليس له الامتناع من تسليمها قبل حلول الأجل.
فإن تأخر تسليمها لنفسها حتى حل الأجل.. فهل لها الامتناع إلى أن تقبض الصداق؟ فيه وجهان:
(أحدهما) : قال الشيخ أبو حامد: ليس لها أن تمتنع؛ لأن التسليم مستحق عليها قبل المحل، فلم يسقط ما وجب عليها بحلول دينها.
و (الثاني) : قال القاضي أبو الطيب: لها أن تمتنع. قال: وقد ذكر المزني في " المنثور ": أنه إذا باع سلعة بثمن مؤجل، فلم يقبض السلعة حتى حل الأجل.. فإن للبائع الامتناع من تسليم السلعة حتى يقبض الثمن.