إذا ثبت هذا وأن الإجابة واجبة.. فهل تجب على كل من دعي، أو هي فرض على الكفاية؟ فيه وجهان:
أحدهما: أنها فرض على الكفاية، فإذا أجابه بعض الناس.. سقط الفرض عن الباقين؛ لأن القصد أن يعلم ذلك ويظهر، وذلك يحصل بإجابة البعض.
والثاني: يجب على كل من دعي؛ لعموم قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من دعي فلم يجب.. فقد عصى أبا القاسم» ، وكذلك عموم سائر الأخبار.
وأما إذا دعي إلى وليمة غير العرس.. فقد ذكر ابن الصباغ: أن الإجابة لا تجب عليه قولا واحدا؛ لأن وليمة العرس آكد، ولهذا اختلف في وجوبها فوجبت الإجابة إليها، وغيرها لا تجب بالإجماع، فلم تجب الإجابة إليها.
وذكر الشيخ أبو حامد في " التعليق "، والمحاملي: أنها كوليمة العرس في الإجابة إليها، وهو الأظهر؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من دعي فلم يجب.. فقد عصى أبا القاسم» ، وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أجيبوا الداعي؛ فإنه ملهوف» ، ولم يفرق. هذا نقل أصحابنا البغداديين.
وقال المسعودي (في " الإبانة ") : إن دعي نقرى.. لم تجب الإجابة. وإن دعي جفلى، بأن فتح الباب لكل من يدخل.. فلا يلزمه أيضًا. وإن خصه بالدعوة مع أهل حرفته.. فيلزمه. ولو لم يجب.. فهل يعصي؟ فيه وجهان.
و (النقرى) : أن ينتقر قومًا دون قوم. قال الشاعر:
نحن في المشتاة ندعو الجفلى
... لا ترى الآدب فينا ينتقر
(الآدب) : الداعي.